خطاب اريك توسان
ترجمة: رشيدة الشريف 

خطاب اريك توسان بمناسبة الاحتفال بمرور 20 سنة على تأسيس CADTM   ألقاه توسان يوم 27 نونبر 2010 ببروكسيل و قد قام بنشره بعد مُراجعته.

1 –    تميزت اللجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث CADTM ولمدة 20 سنة حتى الآن، بكفاحها ضد الدين الذي يُستخدم من طرف الدائنين كأداة قوية للهيمنة وضخ الثروات. وبلا كلل وانطلاقا من موضوع الديون الذي يحتل أولوية كبيرة في نضالها، عرفت CADTM كيف تربط علاقات  مع كل نضالات العالم وفي مختلف الموضوعات، من أجل وضع تحليل شامل للنظام الرأسمالي ولتقديم البدائل (انظر الميثاق السياسي لCADTM ). وبعد مرور 20 سنة على إنشائها أصبحت   CADTMتشكل اليوم شبكة دولية متواجدة في أكثر من 30 بلد و في القارات الأربع CADTM .

2–     إن CADTM  مقتنعة بأنه لا يمكن أن يكون هناك تغيُرات ثورية على مستوى العالم من دون أن يكون هناك معارك ونضالات على المستوى المحلي ولهذا فالبعد المحلى (الحي، المدينة، المنطقة …) له أهميته وهو أمر ضروري بشرط أن يرتبط بشكل منهجي مع البعد الدولي.

3–    تفتخرCADTM   لاستدعائها ومند نشأتها خلال المناسبات العامة لممثلين وممثلات للنضالات من مختلف بقاع العالم من أجل تعزيز التقارب. وهكذا دعت CADTM عمال المصانع المضربين في بلجيكا. (نذكر على سبيل المثال عمال forges de clabecq  لصناعة الحديد الذين قادوا معركة صعبة و نموذجية ) و ممثلين عن حركة زَابَاتِستا  من المكسيك،  و رزاريو ايبارا  مناضلة مكسيكية من أجل حقوق الإنسان. ومناصرة الحركة النسائية الاجتماعية فأندانا شيفا من الهند و هي في طليعة من يناضل من أجل البيئة. وممثلين عن حركة السكان الأصليين من الاكواتور، و حركة بدون أرض (Mouvement des Sans Terre ) من البرازيل و عدد كبير من المناضلين والمناضلات من إفريقيا، لِيدي ناكبيل من الفلبين و بيفرلي كين (الأرجنتين) من جبيلي  الجنوب  Jubilé sud ، ادولفو بيريز اسكيفل (الأرجنتين) حائز على جائزة نوبل للسلام. رينيه  دومون  مـتخصص بالزراعة و يناضل من أجل البيئة. والمطران جاك كييُوت لما تعرض لمضايقات من الفاتيكان بسبب مواقفه الجذرية في النضال إلى جانب المضطهدين. كما ثم استدعاء عالم الوراثة ألبرت جاكار، و اليخاندرو أولموس من الأرجنتين. والكثير من الذين يقودون العديد من النضالات من أجل عالم أخر ممكن.

4–   انطلاقا من كفاحها ضد الديون واقتناعا منها بأهمية توطيد قوة ديناميكية تناهض العولمة، شاركت CADTM  وبشكل فعال في إنشاء المنتدى الاجتماعي العالمي في بورتو أليغرى في البرازيل عام 2001 وساهمت في تقوية الجمع العام للحركات الاجتماعية وفي تأسيس المنتدى الاجتماعي ببلجيكا (كما قامت المنظمات المنتمية إلى الشبكة الدولية ل CADTM بنفس الشيء في بلدانهم). كما ساهمت في تأسيس المنتدى الاجتماعي الأوربي.
الهدف المُتَبَع هو : خلق آليات لتغيير العالم. و من هذه الناحية فقد كانت حصيلتنا جد مشرفة على الرغم من أنه مازال الكثير ينتظرنا و لينا أن نواصل الكفاح بلا كلل وبحماس.
5 –  CADTM   هي حركة اجتماعية دولية ، لها نظام عمل و أهداف مختلفة عن الكثير من المنظمات الغير الحكومية ONG) ) فالعديد من هذه المنظمات الغير الحكومية تغير باستمرار من برامج عملها التي تتوقف بشكل كبير على التمويل الذي تستفيد منه وهي رهينة لهذا التمويل، فتنتقل على سبيل المثال من الدفاع عن توفير عمل لائق إلى قضية السيادة الغذائية ثم إلى النضال من أجل إلغاء الديون ثم إلى موضوع التغير المناخي.
في حين تسعى CADTM إلى تطوير نوع من الاستمرارية على مستوى طرح الموضوعات مع الانفتاح بشكل فعال على نضالات الآخرين. و قد حاولت CADTM المشاركة في العديد من المعارك مع العمل على جعل مسألة الديون في صلب اهتمامات الآخرين. حيت يكمن الرهان بالنسبة ل CADTM في  جعل الحركات الأخرى، المسيرة العالمية للنساء MMF على سبيل المثال، تُدِرج مسألة الديون ضمن الموضوعات التي تشتغل عليها. وفي نفس الوقت، تدرج CADTM النضالات النسوية في تحاليلها الخاصة و في ممارستها اليومية و ضمن إستراتيجية عملها. و هذا على سبيل المثال لا الحصر و يمكن أن نذكر العديد من أشكال التعاون الأخرى : كالمشاركة في النضال من أجل العدالة المناخية، و من أجل تعزيز حقوق الإنسان (سواء السياسية أو المدنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية ) أو المساهمة في النضال من أجل السيادة الغذائية أو من أجل محاربة التسلح واللائحة طويلة…

6-  نُدرك اليوم و خاصة بعد كل هذه السنوات المُكرسة في النضال من أجل إلغاء الديون أن الدين العام هو من القضايا المركزية في الدول الأوربية على اعتبار أن جميع السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي انتهجتها الحكومات كانت تحت ذريعة الانفجار أو الارتفاع المهول الذي عرفه الدين العام مؤخرا في محاولة منها لفرض مخططات التقويم الهيكلي وما يصاحب ذلك من انتهاكات للحقوق الاجتماعية الأساسية. سواء في بلجيكا أو في رومانية أو فرنسا  أو اسبانيا أو اليونان  أو بولندا أو بريطانيا  أو في ايرلندا ، أصبح الدين العام في جميع بلدان الاتحاد الأوربي و حتى خارجه من المواضيع الرئيسية. فموضوع الدين الذي كان يعتبر مصدر قلق ساكنة دول الجنوب أصبح من المواضع التي تتصدر الساحة في دول الشمال. و هكذا تعزز وبشكل واضح النهج الذي كنا نسعى من ورائه إلى توحيد النضالات في الشمال كما في الجنوب.

7 –   لقد طورت CADTM من خبراتها و وضعتها في خدمة الحركات الاجتماعية. تُعطي العديد من مجموعات tankالتفكير think و معاهد الدراسات (و حتى تلك المحسوبة  سياسيا على اليسار) الأولية لكسب التأييد الجماعات الضاغطة (اللوبيات ) لتأثير على الحكومات و الوزراء و البرلمانين و رؤساء المؤسسات مثل البنك الدولي و الصندوق النقد الدولي و تعد هده المعاهد بحوثا و أدلة تدافع فيها عن الحكام و رؤساء المؤسسات المؤيدة للنظام و الذين يُشكلون المُحاورين  الرئيسيين لهذه المعاهد.
كان خيارنا أن نقف بجانب الحركات الاجتماعية و أن نعد التحليل الملائم  و أن نضعه في متناول المواطنين و المواطنات الدين يشكلون اللبنة الأساس و ” قاعدة المجتمع المدني ”  “la société civile d’en bas ”  حسب تعبير فرانسوا هوتار.  و هذا له أثر مُضاعف لأنه لو أخذ هدا التحليل بعين الاعتبار من طرف الحركات الاجتماعية و المجتمع المدني و القاعدة المشكلة له،  سيتسرب الأمر إلى دوائر السلطة لأنهميزان قو ى سيتكون ِبحُكم أن هذا التحليل سيصبح محور اهتمام الرأي العام و الموضوع الأساسي للتعبئة في الشارع. الأمر الذي سيلزم السلطة السياسية بأن تأخذه بعين الاعتبار.

8–    عندما تدعو المؤسسات المالية الدولية (البنك الدولي و صندوق النقد الدولي) المُنظمات الغير الحكومية و غيرها من مُكونات المجتمع المدني فإنها لا  تريد من وراء دلك سوى أن تظهر أمام الكاميرات بأنها تمارس حوارا حقيقيا ، يتبنى ممثلوا المؤسسات المالية الدولية خطابا أجوفا و رنانا ، أنهم يريدون إعطاء الانطباع بأنهم فهموا أخطائهم و يعبرون عن ندمهم و يصرحون بأنهم سيغيرون من طريقة عملهم. لكن الواقع يُثْبِت بأنهم لا يطبقون سوى نفس النهج النيوليبرالي الذي يعتمد على السوق و التصدير .
إن CADTM   مستعدة للمشاركة في مواجهات مفتوحة على الجمهور مع هذه المؤسسات لنطالبها بكشف حساباتها و حتى نساهم في تنوير الرأي العام من خلال هذه المناقشات العامة. لكن CADTM   ترفض في المقابل بان تكون من الذين يتواطئون مع هذه المؤسسات أو أن تكون أداة للتلاعب.

9– تسعى  CADTM  إلى تعزيز الوحدة بين المنظمات التي تعمل على نفس الموضوع، حتى و لو كان لديهم وجهة نظر مختلفة. و هدا ينطبق علىJubilé Sud  التي دعمنها مند إنشائها في 1999 و ينطبق على Eurodad   و مقرها ببروكسيل و التي تعطي الأولوية لكسب تأييد اللوبيات و على Latindad و هي شبكة بأمريكة اللاتينية ، مقرها بالبيرو. و هذا ينطبق أيضا على كل الحركات التي تعمل من اجل إيجاد حل لمشكلة الدين.
فمنذ 2007، ساهمنا في إقامة المجلس التنسيقي الدائم بين جميع الحركات التي تعمل على مسألة الديون في البلدان النامية. كما تمكنا أيضا مع هذه البلدان من تنظيم أسبوع عالمي للعمل ضد الدين و المؤسسات المالية الدولية.
على الرغم من انه ليس لدينا نفس المقاربة فيما يخص محتوى التحاليل و المطالب . و رغم اختلافنا بخصوص إستراتجية العمل إلا أن هذا لم يمنعنا أبدا من أن نحاول العمل سوية لأنه أفضل وسيلة لتحقيق النتائج.
السعي إلى تفرقتنا هي واحدة من تلك الأسلحة التي يستعملها أولئك الذين نحاربهم. لهدا السبب يجب أن نسعى إلى تعزيز وحدتنا، و ليس بأي تمن بالطبع. و لكن يجب بذل كل الجهود حتى تتحقق الوحدة بين مختلف الحركات التي تعمل على نفس الموضوع.

10–   كما يجب أيضا تشجيع التقارب بين المنظمات التي تختلف من حيت مكوناتها و التي تشتغل على موضوعات مختلفة ( ِﭭيا كومبسينا ، النقابات العالمية ، أطاك …) هدا التقارب يجب أن يشمل أيضا أولئك الدين يضعون في أولوياتهم العمل من اجل مسالة حقوق الإنسان أو الدفاع عن حقوق المرأة و ما إلى دلك.
من الضروري، أن تعمل الأحزاب السياسية و الحركات الاجتماعية و المنظمات المدنية و المنظمات غير الحكومية سوية من اجل تحقيق التغيير. و في هدا المنظور، عقدنا في 29 دجنبر 2010 ببروكسل اجتماعا دعونا فيه كل الحركات الاجتماعية و المواطنين و الأحزاب السياسية و الذين هم على استعداد لمواجهة استخدام الدين العام بأوربا كذريعة لفرض خطط التقشف.  اجتمعت الأحزاب السياسية و الحركات الاجتماعية ذات التوجهات المختلفة حول طاولة واحدة من أجل أن ندعو إلى عقد مؤتمر أوربي كبير في 2011 ضد الدين و سياسات التقشف.
وطبعا يجب أن تكون هناك أيضا وحدة بين شعوب الشمال و الجنوب و هدا ما نسعى جاهدين لتحقيقه. لدلك تقوم CADTM ببذل جهوذ كبيرة حتى تُسمع في الشمال أصوات الجنوب.Les Autres Voix de la Planète

11–  في هدا العالم الرأسمالي المُعَولَم. هناك مجموعة من الشعوب لم يجعلوا من السوق و من الملكية الخاصة و من تراكم الثروات الخاصة، البوصلة التي يتهادون بها ولا المُحدد لقيم حياتهم و وجهة نظرهم. لقد تمكنت هذه الشعوب من إسماع أصواتها بفضل عملها الدءوب الرافض للرأسمالية و للسياسات الليبرالية الجديدة. و نذكر من بين هذه الشعوب على الخصوص الشعوب الأصلية و السكان الأصليين في أمريكا اللاتينية وحتى تلك المتواجدة في الشمال. لقد حافظت هذه المجتمعات في مواجهتها لمنطلق الرأسمالية على خياراتها. و تسعى فئات من السكان و خاصة في صفوف الشباب عبر نضالهم و تشبثهم بنمط حياتهم إلى إحداث قطيعة مع النموذج الرأسمالي. و يمكن أن نذكر أيضا نماذج من الأنشطة التي تسير في هذا الاتجاه كالاقتصاد التضامني و التبادلات التي يُراعى فيها الجوانب الاجتماعية.
هذه الأمثلة تشكل بعض المرتكزات التي يرتكز عليها هذا العالم الآخر الذي نسعى جاهدين لتحقيقه. و طبعا، لبناء هذا العالم على أرض الواقع يجب أن تحدث ثورة حقيقية و على جميع المستويات.

12–    بغض النظر عن  الدور  التوعوي الذي نقوم به، هل كان عملنا ذا فائدة ؟ الجواب هو نعم. وقد ساهمنا بشكل ملموس في انجاز افتحاص الديون الإكوادورية في 2007-2008، عندما قررت حكومة هدا البلد اتخاذ إجراءات سيادية و من جانب واحد لمحاولة التوصل إلى حل لمشكلة الديون التي تمثل % 38 من ميزانية الدولة، و قد كان دورنا كبيرا في هدا الموضوع. بما انه تم إلغاء جزء من ديون الإكوادور يقدر ب 3,2 مليار دولار ( بالإضافة إلى الفوائد التي ستدفع إلى غاية 2030 ). و قد أسهمنا و لو بشكل متواضع بان يتضمن الدستور الجديد لإكوادور فقرات لتمنع مسالة تكرار التبعية للدين العام. و قبل دلك بقليل، ساهمنا بأن تقرر باراغواي التنصل من الديون الغير الشرعية الممنوحة من المصارف السويسرية. و قد ساهمت CADTM أيضا عبر مشوراتها إلى إنشاء بنك الجنوب بين 7 دول من أمريكا اللاتينية (الأرجنتين، بوليفيا، البرازيل، الإكوادور ، باراغواي ، أوروغواي و  فنزويلا ) و سيبدأ العمل بهذا البنك قرينا . و نذكر أيضا، انه لما طلبت حكومات تقدميه منا المساعدة كنا دائما مستعدون لتحمل مسؤوليتنا ولكن تجاوبنا معهم لم يمنعنا أبدا من التعبير عن انتقاداتنا تجاههم . بالإضافة إلى دلك. وضعت CADTM خبرتها بِشأن الديون و البدائل التي تسمح لأي منظمة أو حكومة راغبة في النضال حقا ضد الديون، إيجاد أدوات جاهزة لهدا الغرض.

13–  الوقوف دائما و في كل مكان بجانب المستضعفين و المضطهدين هو الدافع  الأساسي الذي يحرك CADTM . السؤال الذي نطرحه  دائما و الذي يُشكل المعيار الأساسي في كل الأعمال التي نقوم بها. بما في ذلك عندما نخطط لتقديم دعمنا لبعض الحكومات اليسارية، كما هو الحال في أمريكا اللاتينية هو : هل ستعود هده المساعدة بالنفع على هؤلاء المستضعفين لإحراز تقدم في سبيل تحريرهم ؟ و إذا كان الجواب نعم ، فإننا نهرع إلى جانبهم.