بقلم/ لوسيل دوما[1] (Lucile Daumas)
يتم التفاوض من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب على اتفاقيات التبادل الحر. ويبدوأن الهيجان قد اعترى العالم ونترك لكم الحكم: أحصت لجنة اتفاقيات التبادل الحر الإقليمية لمنظمة التجارة العالمية في كانون الثاني 2012 أكثر من 500 اتفاقية تبادل حر في جميع أنحاء العالم، “فوضى حقيقية غير مقروءة تقريبا: هذا ما تبدو عليه اليوم خريطة العلاقات الاقتصادية على المستوى الدولي.”[2]
وتشمل الاتفاقيات كل الأنواع فمنها تلك التي تربط بين بلدين ذات تجارة صغيرة (اتفاقية المغرب / تركيا على سبيل المثال) أو أكبر (اتفاقية الولايات المتحدة الأمريكية / المغرب على سبيل المثال) أو ضخمة (معاهدة الأطلسي). ويتفاوض حول هذه الأخيرة اثنان من عمالقة العالم وهما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذان يتمتع كل منهما بقوة تفاوضية كبيرة حيث يشكل كلاهما ما يقرب من نصف التجارة الدولية. وإذا ما تم التوقيع على الاتفاق في نهاية المطاف فإن أثره سيتجاوز إلى حد كبير ومن دون أدنى شك الطرفين الموقعين وسوف يؤثر على جميع العلاقات الاقتصادية الدولية.
كما توجد اتفاقيات أخرى غير متوازنة تماما مثلما هو الحال بالنسبة للاتفاقيات الموقعة في إطار الشراكة الأورو متوسطية التي يتم التفاوض بشأنها بين الاتحاد الأوروبي ككل ودول الجنوب كل على حدة. فحجم هؤلاء “الشركاء” غير متوازن تماما والقوة التفاوضية لأي دولة من دول الجنوب تافهة بالمقارنة مع الوزن الذي يمثله الاتحاد الأوروبي[3].
إنها اليوم، نفس الفكرة المهيمنة لدى المؤسسات المالية، و التجارية الدولية، ولدى أصحاب القرار و الحكومات، التي تداولتها الصحافة إلى حد الشبع: فهم يرون فيها المفتاح الذي سيفتح باب “العولمة” لجميع البلدان.
فالتبادل الحر من وجهة نظرهم يعني النمو والتنمية وخلق فرص العمل والرخاء والسعادة. ولكن قبل تحليل ما هو عليه في الواقع- رافعة لإدماج البلدان في آليات العولمة النيوليبرالية-لنعد إلى الوراء قليلا لفهم هذه الوصفة السحرية- التي ولدت في بريطانيا في القرن الـثامن عشر[4]–وظلت شعبية على مدى العقود الثلاثة الماضية.
الحجج
كانت فكرة البداية هي الآتية: إذا فتحنا الأسواق التجارية للمنافسة الحرة، سيظهر تخصص دولي عفوي بما يسمح لكل بلد بالتركيز على الأنشطة الأكثر كفاءة فيها وأيضا على استيراد السلع بتكلفة أقل. هذه هي نظرية الميزة النسبية لديفيد ريكاردو التي يفترض أن تمكن من الاستخدام الأمثل للموارد العالمية و زيادة العوائد على نطاق متزايد وتعزيز الرخاء: إذ أن المزيد من السلع ستتاح للمستهلكين بأسعار أقل (ظروف أفضل للإنتاجية ولا ضرائب جمركية أو دعم مالي للدفع). تجب الإشارة بالمناسبة إلى أن مخطط ريكاردو يتعلق فقط بحرية حركة السلع أما عوامل الإنتاج (رأس المال والعمل) فتبقى ثابتة.
تستند الليبرالية الحديثة في سياق العولمة على ثلاث حريات: حرية حركة رأس المال وحرية الاستثمار وحرية حركة البضائع والخدمات[5]. وبالتالي فإن كل الأنشطة البشرية توضع في حالة تنافس. ومن شأن هذه الحريات الثلاث المنتجة للثروة أن تساعد على الانتشار العالمي للابتكار و تكون بذلك سببا في النمو الاقتصادي وبالتالي خلق فرص العمل وهو ما من شأنه تحسين الظروف المعيشية للشعوب.
تقوم منظمة التجارة العالمية[6]على هذه الافتراضات وتعتبر أن التبادل الحر هو مفتاح دخول جميع البلدان في العولمة، هذه هي الكلمة الرئيسة المستعملة كما لو كانت تعني جنة عدن! ولكن لنلق نظرة عن كثب.
ثلاث حريات
بدأت حرية حركة رأس المال منذ بداية الثمانينات. كان من المفترض نظريا أن يؤدي وضع تنافس”المقرضين” عبر العالم ، إلى الحصول على أسعار أفضل لرأس المال و بالتالي كلفة استثمار أقل. إلا أننا شهدنا الدمار الذي خلفته حرية حركة رأس المال[7] في جنوب شرق آسيا و اندونيسيا والمكسيك. بفعل غياب الإشراف والرقابة، خرج المضاربون الأكثر اطلاعا منتصرين من هذه اللعبة في حين تجرع عالم الاقتصاد الحقيقي، والإنتاج والمنتجين مرارة الهزيمة. حتى أن أكثر المؤيدين المتحمسين لاقتصاد الكازينو اضطروا لمراجعة خطابهم. ولكبح هذه الظاهرة اقترح الاقتصادي الأمريكي جيمس توبين فرض ضريبة على المعاملات المالية وهي الفكرة التي تبنتها ونقحتها حركة أطاك لاحقا. تتألف ضريبة توبين من ضريبة دولية من 0.05٪ على معاملات المضاربة بالعملة (التي تتم بسرعة قياسية بما في ذلك نفس رؤوس الأموال التي يمكن أن يتغير مالكوها عدة مرات في الأسبوع أو حتى في اليوم). و بالتالي فهي لا تعاقب العمليات التجارية أو الاستثمار المنتج اللذان هما أكثر استقرارا بطبيعتهما.
الحرية الثانية هي حرية المستثمرين
نتطلع من الشمال إلى الجنوب–أحيانا بيأس-لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر[8]. وهكذا تمت خوصصة المقاولات و القطاعات العامة في المغرب كما هو الحال في العديد من البلدان ، دون مبالاة قصد بيعها للمستثمرين الأجانب.[9] واحتُفِل بهذه على أنها انتصارات عظيمة. ولهم الحق في ذلك جزئيا، حيث تتركز في الواقع تدفقات الاستثمار بشكل رئيس في البلدان الصناعية الكبرى. كما أن جلب مستثمر إلى المغرب ليست مهمة سهلة. ولكن الأكثر صعوبة هو جعله يبقى. لأنه إما أن يجد استثمارا أكثر ملاءمة في أماكن أخرى و سوف يستثمر فيها أمواله، أو يجب منحه تلك الفوائد كربح ليبقى في موقعه وليظل مكسب البلد افتراضيا.
أدى الوعي بضرورة تنظيم هذه التدفقات لبناء اقتصاد قوي إلى ثورة ضد الاتفاق متعدد الأطراف بشأن الاستثمار (AMI)، ولكن على الرغم من فشلها، فقد أعيد إدراج أحكامها الرئيسة في إطار منظمة التجارة العالمية واتفاقيات التبادل الحر الثنائية أو متعددة الأطراف، التي تذهب إلى أبعد من ذلك.
الحرية الثالثة هي حرية التجارة
يظهر فشل المفاوضات في سياتل، و كانكون وجولة الدوحة أنه على الرغم من الخطاب السائد حول التبادل الحر الذي حاد إلى التفكير الأحادي تقريبا تبقى الحاجة إلى اليقظة ملحة خاصة بالنسبة لبعض دول الجنوب (الهند،جنوب أفريقيا،وغيرها) لأن المفاوضات لا تسير من تلقاء نفسها.
ينبغي أن نميز بين العلاقات التجارية بين الاقتصادات المتشابهة (بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على سبيل المثال، والتي تمثل وحدها ما يقارب 40٪ من المبادلات العالمية[10]) وتلك التي يتم إرساؤها بين اقتصادات متباينة (الاتحاد الأوروبي وبلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط على سبيل المثال أو الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب).
تعد المفاوضات في الحالة الأولى صعبة لأن موازين القوى قابلة للمقارنة وكل دولة من الدول (المتحدث الرسمي باسم مؤسساتها الكبرى) تحمي فلاحتها وحديدها ونبيذها وجبنها أو ثقافتها. هكذا نصل إلى المزيد من الاتفاقيات التجارية الثنائية أو متعددة الأطراف بدلا من اتفاقيات تبادل حر حقيقية. و بعد ذلك، يحاول كل طرف استخدام أو تغيير القواعد التي تم وضعها لصالحه، عبر منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق بفتح الحدود وحذف أي قوانين.
أما في الحالة الثانية، فإن المفاوضين في حالة اختلال كامل للتوازن: فهم ليسوا على قدم المساواة من ناحية القدرة على التفاوض (خصوصا بسبب الديون) وبضائعهم غير قابلة للمقارنة سواء من حيث الكمية أو التنوع أو تكاليف الإنتاج. ولذلك فإن الرفع التام للحواجز الجمركية لا يمكن أن يؤدي إلا إلى تعزيز الاختلالات.
وبالإضافة إلى ذلك يغفل أنصار التبادل الحر أربعة عناصر أساسية هي: حرية تنقل الأشخاص، و مسألة التوزيع، والمسألة الاجتماعية و المسألة السياسية.
حرية تنقل الأشخاص
على عكس السلع، ورؤوس الأموال، والممتلكات والسلع لم تتكاثر حرية تنقل الأشخاص بل نشهد على العكس إقامة حواجز من جميع الأنواع قانونية و مادية لمراقبة والحد من حركة الناس إلى أقصى الحدود. وكما ذكر كلاوديو كاتز “لم تقلل العولمة من الحواجز أمام الهجرة الجماعية إلى بلدان الوسط. تقوم الحكومات في أوروبا و الولايات المتحدة ببناء الجدران لوقف تدفق الأجانب وتستثمر لطرد العمال غير الشرعيين. إن رأس المال لا يعزز إلا تنقلا دوليا معينا مسيطرا عليه و محدود القوة العمل لإضعاف النقابات و تخفيض الأجور. ولكن هذا يمنع تدفقات الهجرة الضخمة التي تزعزع استقرار النظام الرأسمالي[11].”
يمكن لرأس المال استخدام اليد العاملة المحلية الرخيصة مباشرة في وطنها الأم في سياق نقل مناطق الإنتاج إلى ما وراء البحار، كما يمكنه أن يجلب العمال الذين يحتاجهم ، وحتى استخدام جانب من اليد العاملة غير الشرعية. تضمن كل هذه المنظومات أفضل يد عاملة ممكنة و بأفضل الأسعار، ولكنها أيضا تخلق سوق عمل يوضع فيها العمال في حالة منافسة ويضطرون إلى قبول تدهور رواتبهم وقوانينهم الأساسية وظروف عملهم وهو ما ينضاف إلى نتائج سياسات التقشف باسم التضحيات التي ينبغي على العمال تقديمها لمساعدة بلادهم على الخروج من الأزمة.
يعني هذا أن قضية الهجرة هي جزء من اللغز الذي يسمح لعالم المال بالالتفاف على جميع مكاسب العمال بما في ذلك تلك التي تهم بلدان الوسط، والذين لا يزالون في الوقت الراهن على الأقل يتمتعون بالحق في التنقل. لكن ليس لعمال الجنوب الحق في حرية التموقع في سوق العمل. ولا يهم حتى إذا كانت السيطرة على حركة العمال سببا لحظر أي تنقل للأشخاص لأي سبب من الأسباب (سياحة ، و روابط أسرية أو صداقات، و أنشطة ثقافية و علمية ، إلخ).
مسألة التوزيع
إذا ما سلمنا بأن التبادل الحر يتيح انتاج المزيد من الثروات، فإنه على الرغم من ذلك لا شيء يضمن ان جميع البلدان وجميع الشرائح الاجتماعية أيضا تستفيد من هذه الثروات. بل على العكس من ذلك تشير الإحصاءات إلى أن هناك زيادة في عدد العاطلين عن العمل (و بالتالي المستبعدين من الاستهلاك) وعدم المساواة بين الأغنياء و الفقراء[12].
وفي الوقت الذي أُنشِئت فيه مؤسسات مثل منظمة التجارة العالمية لتعزيز تحرير التجارة فإنه لم يتم إنشاء أي مؤسسة لجعل اقتصاد السوق مستداما اجتماعيا. والأسوأ من ذلك وحتى نهاية الثمانينات فإن تطوير المنافسة الدولية لم يضع قيد المنافسة إلا المنتجات والشركات. أما اليوم، فلم يكف أن ما تم بناؤه اجتماعيا بفضل فوائد الاقتصاد ونضالات العمال هو على وشك أن يتفكك (بفعل فتح أسواق جديدة) بل إن المنافسة تشارك أيضا في وضع القواعد الاجتماعية والضريبية للدول. وهكذا فإن البلدان التي تفرض تحملات أكبر على شركاتها باسم العدالة وحماية البيئة والأمن الغذائي وكرامة العمال هي في موقف ضعيف[13].
العامل الاجتماعي
إن تسويق البضائع التي لا تزال رخيصة ليس دائما مربحا اجتماعيا. “فالحصيلة المالية البسيطة لما ضاع هنا ووقع ربحه هناك لا ينفع شيئا في التقييم الاجتماعي للسياسة التجارية. فكم يكلف في الواقع الحفاظ على شركة وحيدة قد تشغل سكان بلدة صغيرة؟ وكم تبلغ قيمة الضرر البيئي أو الضغط النفسي المتزايد على الموظفين، الناتجين عن السباق المحموم إلى القدرة التنافسية؟ إن النظرية النموذجية تبقى صامتة بصفة خاصة حول هذه التكاليف الاجتماعية للتبادل الحر[14]“.
كما يعني التبادل الحر علاوة على ذلك مضاعفة المنافسة. تتنقل السلع ورأس المال ولكن يبقى العمل ثابتا وهو الذي على أساسه يقوم البحث عن التكلفة الأقل: نشهد بذلك ضغطا كبيرا على الأجور وظروف العمل ومدته والمزايا الاجتماعية. ويصبح العامل أساس كلفة تحرير المبادلات والهشاشة وتتعمم المرونة حتى في البلدان المتقدمة. كل هذا باسم المنافسة.
مسألة السيادة
عندما يفتح بلد أسواقه أمام المنتوجات الأساسية مثل الحبوب والأرز أو القمح حسب البلدان والزيت أو السكر، فإن المنتجين المحليين سيضطرون إلى ترك أراضيهم بورا إذا كانت كلفة الإنتاج لديهم أكبر وسوف ينضمون إلى جماعات النازحين من الريف أو يبحثون عن منتجات أخرى (سيتم تشجيعهم على التحول إلى الزراعات التصديرية ولكن هل لديهم الوسائل؟ وهل أنها ستباع؟) أو إلى بيع أراضيهم للمستثمرين المحليين أو الأجانب. ولكن هناك مخاطر أخرى تلوح في الأفق. ماذا سيأكل كل صغار المزارعين الذين يعيشون على زراعة الكفاف إذا لم يعودوا قادرين على إنتاج غذائهم الأساسي وليس لديهم الموارد المالية لشرائه من السوق حتى بأسعار أقل؟ وما هو هامش المناورة الذي سيتوفر لكل دولة تعتمد كليا أو أساسا على الاستيراد لتوفير الغذاء الأساسي لشعبها لمعارضة أي إملاءات سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو عسكرية؟ وإلى جانب الضرر الاجتماعي للتبادل الحر تبقى مسألة السيادة الغذائية في قلب موازين القوى العالمية[15]. ومن وراء هذا بطبيعة الحال فإن السيادة الكاملة هي على المحك. كيف يمكن معارضة التدخل في الشؤون الداخلية لدولة في تبعية لإشباع الحاجات الأساسية للشعب؟ وبالتالي فإن مسألة مراكز القرار برمتها هي المطروحة.
وفي ذات السياق، ما هو مجال القرار المتبقي للمجلس البلدي والنائب والوزير؟ فحق الشعوب في تقرير مصيرها هو في نهاية المطاف على المحك. وهو ما يسمى بلغة عربية فصيحة بالإمبريالية.
من ديكتاتورية الأسواق إلى العيش بشكل جيد
لا يمكن أن يكون تنظيم أو تحرير تبادل السلع ورأس المال غاية في حد ذاته. فقد أشار جوزيف ستيغليتز الحائز على جائزة نوبل ونائب الرئيس السابق للبنك الدولي في الوقت المناسب إلى أن “تحرير التجارة نظم من قبل الدول الغنية لفائدة الدول الغنية”. أو بأكثر دقة من قبل أغنياء الدول الغنية لفائدة أغنياء الدول الغنية. إن جميع الاتفاقيات التي يجري التفاوض بشأنها في الواقع لا تكتفي بتنظيم التجارة فقط بل وتتدخل في جميع جوانب الحياة الاقتصادية.
والواقع أن الحماية الجمركية قد تم رفعها فعليا تقريبا وبالتالي فإن ما نناقشه الآن هو من قبيل حقوق الملكية الفكرية والوصول إلى سوق الصفقات العمومية والبيئة المواتية للأعمال (نقصد الإعفاءات الضريبية وحق إعادة تصدير الأرباح وتسريع إجراءات إنشاء الشركات والأقطاب الصناعية المجهزة وتسليم المفاتيح الخ) وسياسة الهجرة وقانون العمل والبيئة. وباختصار فإن الأمر يتعلق بتفكيك جميع الأنظمة التي يمكن أن تبطئ التوسع العالمي للشركات متعددة الجنسيات وتأطير سياسات وممارسات المستثمرين.
ويعبر جون هيلاري عن معاهدة الأطلسي بهذه الطريقة: “إن الشراكة عبر الأطلسي للتجارة والاستثمارلا تمثل تفاوضا بين شريكين تجاريين متنافسين ولكن ضربة لشركات أوروبية وأمريكية من قبل الشركات عبر الوطنيةالتي تسعى لإزالة الحواجز التي تتحكم في أنشطتها وتنظمها.[16]” وهذا ما يؤدي إلى قوانين عالمية جديدة تمرر على الشعوب والدول التي ما عليها سوى ترجمتها إلى قوانين وطنية ومعاقبة أولئك الذين لا يوافقون عليها. وكان هذا دور منظمة التجارة العالمية ولكن قواعد عملها جعلت العملية بطيئا جدا في نظر كبار أرباب العمل بحيث يقوم التبادل الحر اليوم بهذه الوظيفة.
ويصف النائب الأوروبي يانيك جادوت في حديثه عن معاهدة الأطلسي العملية كما يلي: “تتعلق هذه الخطوة الجديدة من التحرير بالأطر التنظيمية في المقام الأول أي القواعد والمعايير والحقوق التي تحكم الاقتصاد والتعايش وتعكس في كثير من الأحيان الخيارات المجتمعية التي تحدد ديمقراطيا[17].”
أصبح النقاش حول الحمائية / التبادل الحر موضوعا مستهلكا. لا يمكن أن يكون هناك أي مجال في القرن الحادي والعشرين أقل من ذي قبل للبحث عن تحقيق أي اكتفاء ذاتي أو إنكار الفوائد المترتبة على التجارة. ولكن يجب طرح عدد من الأسئلة الأولية: وفق أي شروط يمكن أن تشارك في تحسين الظروف المعيشية للسكان؟ كيف توزع عائدات هذه التبادلات؟ هل تساهم في حفظ الموارد الطبيعية؟ يقدم أنصار العولمة الليبرالية إجابة فريدة على كل هذه الأسئلة: التحرير في سياق قانون واحد ينطبق على الكوكب كله. غير أن الفكر الوحيد في هذا المجال كما في غيره لا يمكن أن يؤدي إلا إلى الدكتاتورية. دكتاتورية الأسواق والنظام المالي في هذه الحالة. نحن نعتقد فيما يخصنا أنه قد حان الوقت لنقول لا للدكتاتورية وتقديم إجابات واضحة استنادا إلى الحالات التاريخية والاقتصادية ومناخات وأساليب الحياة وأنماط الإنتاج ولكن دون إهمال وجود نقطة التقاء بينها: محاولة تلبية احتياجات وتطلعات الشعوب في إطار استخدام مدروس ومعقول للموارد الطبيعية واحترام الطبيعة وتحسين نوعية الحياة للجميع. ويمكن أن يكون ذلك ما يصطلح بــ”الحياة الجيدة”.[18]
مأخوذ من كتاب :
اتفاقيات التبادل الحر
اتفاقيات استعمارية ضد الشعوب
تحليل لاتفاقيات التبادل الحر بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.
إصدار جمعية أطاك المغرب بالتعاون مع مؤسسة روزا لكسمبورغ
[1]عضو أطاك / ل إ د ع ث المغرب
[2]http://www.franceculture.fr/emission-du-grain-a-moudre-accords-de-libre-echange-la-mondialisation-en-pire-en-partenariat-avec-al
[3]هكذايجد الإكوادورنفسه مجبرا منقبلالاتحادالأوروبيعلى توقيعاتفاقيةتبادل حر
الاتحاد الأوروبي / كولومبيا / البيرو / الإكوادور دون أي هامش للتفاوض. إقبل أو أترك. وإذا ترك فإن الإتحاد الأوروبي لن يشتري شيئا من الإكوادور. وهذا مثال على المدى الذي يمكن أن يصل إليه عدم التكافؤ بين المتفاوضين
[4]أنظر Adam Smith (1723-1790)وDavid Ricardo (1772-1823)
[5]تتزامن حركة الإنتاج في شكل بضائع مع حركة قوية عبر الدول للعوامل المساهمة فيها (رأس المال والعمل).
[6]خلفت منظمة التجارة العالمية اتفاقية الغات (GATT) بداية من 1995. وقد وسعت نطاق التجارة العالمية من البضائع إلى مختلف أنواع الخدمات وذلك في إطار الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات (AGCS)
[7]انطلقت موجة تخوف من طرف أصحاب رؤوس الأموال في البورصات المحلية وامتدت إلى شبكة البنوك ومنها أصبحت عالمية في آسيا وأمريكا اللاتينية
[8]خلافالاستثماراتمحفظةالأوراق المالية التي هي استثماراتالمضاربةالبسيطةالمذكورةفيالفقرة السابقة منالمتوقعأن يسمحالاستثمارالأجنبيالمباشر بنقلالتكنولوجياوتطويرالأفضلية المقارنة والتخصصات. غير أن الاستثمارالأجنبيالمباشرهوفيالمقامالأولمسألةبينالشمالوالشمال: فيعام 2002،استقبلت الدولالمتقدمةمايقربمن 80٪ من التدفقات وجاءت الولايات المتحدة الأمريكية في المركز الأول (UNCTAD). وفيمايتعلقالبلدان النامية ينجذبالاستثمارالأجنبيالمباشرفقط إلى الوجهات المربحة مثل الصين والدولالناشئة … علىحسابالبلدانالتيهيفيحاجةإليها. ولا علاقة للكفاءةالاقتصاديةمعالمصلحةالجماعيةوتلبيةاحتياجات الشعوب!
[9]هكذا تمت خصخصة بنكBMCE (البنوك) وCTM (النقل)،SAMIRوCPC (البترول)CNIA (التأمين)وCIOR (اسمنت) واتصالات المغربوشركة التبغ وSOMACA (السيارات) ووكالات توزيعالمياه والكهرباء في المدنالكبرى لكي لا نذكر علىسبيلالمثال إلا عددا قليلا منالمؤسساتالعامة التي انتقلت ملكيتها إلىالقطاعالخاص.
[10]يمثلالاتحادالأوروبيوالولاياتالمتحدةمعا 10٪ منسكانالعالم ونحو 40٪ منالتجارةالعالميةوأكثرمن 60٪ منالناتجالمحليالإجماليالعالمي. المصدر: المفوضيةالأوروبية “الاتحادالأوروبيوالولاياتالمتحدة: شركاءعالميونومسؤولياتعالمية” eeas.europa.eu/us/docs/infopack_06_fr.pdf
[11]Claudio Katz, Sous l’empire du capital: l’impérialisme au XXIe siècle, Québec, M éditeur, 2014.
[12]الفوارقالإقليميةأيضاحيثارتفعالناتجالمحليالإجماليللفردالواحدمن 1100 $ فيعام 1980 إلى 1،422 فيعام 2002 فيشمالأفريقيا،فيحينمرفيآسيافيالوقتنفسهمن 5800 $ إلى 16،000 $ (انظر: Ecoflash،نوفمبر 2002
[13]جاكجينيرو،دعهيذهبأودعه يمر،يجبالاختيار. بدائلاقتصادية، 201،مارس 2002.
[14]نفس المصدر
[15]حتى أنالبلدانالصناعيةقدفهمواجيدا رهانالاستقلالالغذائيالذيهوفيقلبالسياسةالزراعيةالمشتركة للاتحادالأوروبي
[16]جونهيلاري،الشراكةعبرالأطلسي للتجارةوالاستثمار: ميثاقملغللقوانينوهجومضدالعمالةونهايةالديمقراطيةبروكسلروزا لوكسمبورغستيفتونغ 2014
http://www.huffingtonpost.fr/yannick-jadot/visite-hollande-obama_b_4759593.html[17]
[18] http://www.huffingtonpost.fr/yannick-jadot/visite-hollande-obama_b_4759593.html