نظمت جمعية أطاك المغرب، عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير الشرعية، أيام 15 و16 و17 دجنبر 2017، الندوة المغاربية حول اتفاقات التبادل الحر والزراعة والسيادة الغذائية، تحت شعار: لنوقف الاتفاقيات الاستعمارية، دفاعا عن الحق السيادي للشعوب على نظامها الزراعي والغذائي والبيئي بمدينة أكادير بالمغرب بمشاركة مناضلات ومناضلين من مصر وتونس والجزائر والمغرب.
وتأتي الندوة أياما قليلة بعد انتهاء القمة الوزارية 11 لمنظمة التجارة العالمية التي لم يصدر عنها أي اعلان اتفاق رسمي. ويعكس هذا الفشل مأزق التقدم في الاتفاقات متعددة الأطراف وتفضيل القوى الامبريالية، الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، اللجوء الى الاتفاقات التجارية التفضيلية الثنائية والجهوية التي تسمح لها بخنق الدول التابعة وشبه المستعمرة. ومن هنا تسارع وتيرة سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على الزراعة والصيد البحري على المستوى العالمي مع ما يرافق ذلك من تسليع لقوت الشعوب، وتدمير الزراعات والمصايد البحرية المعاشية والسعي المحموم إلى ترويج البذور المعدلة وراثيا وتعميم نموذج الزراعات وصناعات البحر الموجهة إلى التصدير. وتواصل المؤسسات المالية الدولية املاءاتها النيو-ليبرالية على بلدان الجنوب التابعة لمزيد من نزع التقنين وفتح الحدود لغزو الرساميل والسلع الأجنبية المدعمة وترحيل الأرباح والثروات. وهو ما ينتج عنه احتداد للمديونية العمومية التي تؤدي الفئات الشعبية ثمنها عبر سياسات التقشف.
لقد اجتمعنا هنا لنعلن دعمنا لسيادة الشعوب الغذائية وحقها في تحديد نظامها الغذائي الملائم. نظام يحمي الطبيعة ومواردها ويعمل في تناغم معها من أجل إنتاج غذاء صحي وكاف للجميع، ويمنح الأولوية لتطوير الإنتاج المحلي والمواد الغذائية الرئيسية، ويكافح من أجل حماية وتوفير البذور الطبيعية، وينجز إصلاحا زراعيا شعبيا. ولابد من توفير الموارد الضرورية عبر وقف تسديد خدمة الديون وإلغاء المديونية العمومية.
إننا نناهض استحواذ الشركات متعددة الجنسيات والرأسمال المالي على ثروات الشعوب البرية والبحرية، ونعادي كل أنواع التمييز والعنصرية. ونناضل من أجل السيادة الغذائية وتحقيق العدالة المناخية والبيئية، وإقامة مجتمع تنعدم فيه جميع أشكال الاستغلال والاضطهاد، مجتمع إنساني فعلا مبني على تشارك حر وديمقراطي يسوده العيش الكريم والتناغم مع الطبيعة.
نواصل من خلال هذه الندوة الدراسة والمناقشة من اجل الفهم المتجه نحو الفعل عبر حملات تشهير وتحسيس وتنمية الوعي، وإطلاق مبادرات وتحفيز نضالات جماعية مع حركات لها نفس الأهداف، ونرسي أشكال تنسيق وتضامن لبلوغها.
إننا، نحن المشاركات والمشاركين، مناضلات ومناضلين، من منظمات نضال في الجزائر وتونس ومصر والمغرب نؤكد:
أن اتفاقيات التجارة “الحرة” الموقعة من طرف الحاكمين في بلداننا هي اتفاقات استعمارية جديدة تخدم مصلحة الشركات متعددة الجنسيات، وتسلب الأراضي والمجالات الحيوية من السكان الأصليين، وتدمر بيئتهم وثرواتهم المائية والبحرية وغذاءهم وثقافتهم، وذلك من أجل مراكمة المزيد من الأرباح لكبار الرأسماليين الأجانب والمحليين. إنها إلى جانب نظام الدين أداتا الهيمنة الإمبريالية على الشعوب.
مساندتنا لنضالات المزارعات والمزارعين وبحارة الصيد البحري المعاشيين في تونس ومصر والجزائر والمغرب وغيرها من البلدان، ضد نزع الأراضي الفلاحيةوالمصايد البحرية ومنحها إلى المقاولات الكبرى والمضاربين العقاريين، وتهديد حياة آلاف المزارعين والبحارة والعاملات والعمال الزراعيين بالطرد والبطالة.
رفضنا المطلق لكل البدائل الرأسمالية في المجال الزراعي والبحرية التي ترسخ استعمال التقنيات المستنزفة للثروات والطاقة وتقضي على التنوع البيولوجي وتلوث البيئة وتضر بالصحة.
إننا جد مقتنعين بأن سيادة الشعوب الغذائية وثيقة الارتباط بحقها في تقرير مصيرها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا. كما أنها ترتبط بإحداث قطيعة مع الدوائر الإمبريالية والمؤسسات المالية والتجارية الدولية، والنضال ضد الأنظمة والحكومات التي تنفذ هذه السياسات لصالح الرأسمال العالمي والمحلي.
إن السيادة الغذائية هي نقيض نظام الغذاء الرأسمالي الإنتاجوي المسؤول عن تدمير الموارد الطبيعية وفوضى المناخ المهددين لحياة الملايين. فالزراعات والمصايد البحرية المعاشية هي التي تغذي البشرية وتحافظ على البيئة وليس الزراعة الصناعية والتجارية والكيماوية الكثيفة كما تدعي الرأسمالية.
لذا، فنحن ندعو إلى:
النضال الجماعي ضد اتفاقيات التبادل الحر واتفاقات الصيد البحري ومنظمة التجارة العالمية، وكذا ضد صندوق النقد الدولي والبنك العالمي اللذين يكرسان استعباد الشعوب عبر نظام الدين.
تجريم كل الشركات متعددة الجنسيات والمقاولات الرأسمالية المحلية التي ترمي إلى تسليع قوت الشعوب وتدمير البيئة سعيا لمراكمة المزيد من الأرباح.
الدفع بتجارب منظومات زراعية شعبية تهدف الى فك الارتباط مع التبعية الغذائية.
تعزيز سبل التعاون والنضال على الأصعدة الوطنية والإقليمية والقارية والجنوبية والأممية بين المنظمات والشبكات المناضلة من أجل السيادة الغذائية والعمل على المشاركة في أنشطتها وتعبئاتها والسعي إلى تطويرها.
توسيع التضامن الأممي من أجل وقف حملات القمع المتصاعدة ضد التعبئات الشعبية (مزارعين/ت، بحارة، سكان أصليين، عاملات وعمال زراعيين، إلخ) من أجل التنظيم وحماية حياتها وأراضيها ومجالاتها البيئية وأنظمتها الغذائية والزراعية.
تقوية دعم كفاح الشعب الفلسطيني ضد القرار الامبريالي الأمريكي الذي يريد أن يسلبه حقوقه التاريخية.
دعم التآزر العالمي مع مئات العائلات المطرودة من أراضيها بمقاطعة مارابا بالبرازيل ومع حركة مزارعين بدون أرض التي تقاوم هذه الإخلاءات القسرية.
أكادير في 17 دجنبر 2017