أجرى موقع الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير الشرعية، حوارا مع المناضلة التقدمية المصرية ماهينور المصري للوقوف على أوضاع النساء في مصر بعد هزيمة الثورة وصعود نجم الديكتاتور العسكري عبد الفتاح السيسي، الذي باشر تنزيل اجراءات ليبرالية شديدة القسوة على المواطنين انصياعا لأوامر المؤسسات المالية الدولية، كان أخرها تعويم الجنيه المصري الذي عقبه ارتفاع صاروخي في الأسعار. علاوة على خنق الحياة السياسية واعتقال كل المعارضين في دهاليز سجونه المظلمة، حيث كان للنساء نصيب من القمع العسكري القاهر.
:وفي ما يلي نص الحوار
-
أجرت قناة bbc البريطانية مؤخرا تقرير مصورا عن الوضع الحقوقي في مصر، وكان أبرز ما جاء فيه وضع الفتاة ” زبيدة ” المختفية منذ سنة تقريبا عن أهلها، وهو ما أكدته والدتها مع قولها أن ابنتها تعرضت للاغتصاب و التعذيب داخل السجون المصرية، بعد ذلك باشرت السلطات بالاستعانة بأبواقها الاعلامية– عمرو أديب وغيره– لتكذيب كل ذلك…، بعدها تم اعتقال أم زبيدة مباشرة. ما هو الوضع النسائي في مصر بعد كل الارتدادات التي يعرفها البلد على المستوى السياسي بعد الانقلاب؟
- جاءت ثورة ال 25 من يناير لتحمل بذور مجتمع جديد تحمله الثورة… خلال الثورة لم يتمرد المصريون فقط على النظام السياسي لحسني مبارك، و لكن كانت هناك محاولات تحرر اجتماعية تعتمل في الأعماق، لعدة فئات على رأسهم المرأة المصرية التي شعرت بأن هناك بوادر مساواة بدأت تتبلور و لكن النظام المستبد وما يروج من أفكار رجعية في المجتمع، كانت حاجزا حقيقيا، وشهر النظام وأذياله سلاح التحرش الجنسي مثلا في وجه المرأة لوقف مسيرتها الكفاحية نحو التحرر و الانعتاق… و نتذكر تبرير السيسي لفضيحة كشوف العذرية في 2011، بأنه كان يحاول أن يحمي رجاله… و هو ما يبين بجلاء منظور المؤسسة العسكرية للمرأة كخطر على نظامه… لم يتحسن وضع النساء في عهد الاخوان مع زيادة مخاوف النساء من رجعية الاخوان و كيفية استخدامهم للدين لتقييد المرأة و اضطهادها … و هو ما التقطه المؤسسة العسكرية لتستغل المرأة في معركتهم ضد الاخوان ثم بعد ذلك يتم الهجوم على المرأة… فقد قام السيسي بإعلان العام 2017 عام المرأة و لكن الحقيقة أنه لم يحدث أي تغيير في وضع النساء بل زاد انحطاطا وتفسخا… نستطيع أن نرى ذلك من خلال الهجوم على منظمات المجتمع المدني دون استثناء و تلك المعنية بالمرأة بصورة خاصة.. كذلك نستطيع أن نرى معاناة عدد كبير من السيدات أصبحن المسئولات بشكل مباشر عن مصير عائلاتهن بسبب اعتقال أبائهن أو أزواجهن أو أبنائهن قد زادت.. نستطيع أن نرى كذلك محاولات دائمة لتشويه الناشطات السياسيات في مصر…
-
حاليا تعيش مصر ذروة هزيمة الثورة مصحوبة بجزر نضالي كبير وعميق، يوازيه هجوم نيوليبرالي معمم ومتسارع للإصلاحات الاقتصادية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، كان أخرها تعويم الجنيه وما تلاه من ارتفاع صاروخي في الاسعار. كيف تتأثر النساء المقهورات في مصر في ظل هذا الهجوم الرأسمالي غير المسبوق ؟ وهل من منظمات نسائية تقاوم ضد التيار ؟
- تأثير صندوق النقد الدولي على الاقتصاد المصري كارثي.. فقد زاد عدد الغرامات – الفوائد – على السيدات اللواتي تستدين من أجل اعالة عائلاتهن.. نستطيع كذلك أن نرى أنه لم يكن هناك اهتمام حقيقي بالعاملات و أوضاعهن تزداد انحدارا في السلم الاجتماعي، إنهن ضحايا سياسات التقشف و المديونية الخارجية و الداخلية التي تمتص موارد الدولة، خدمة لبقاء نظام الحكم الحالي، إن ما يطلق عليه الاصلاحات الاقتصادية دفع ثمنه الفقيرات بالأساس.
و مع استهداف المجال العام ككل و المجتمع المدني خاصة أصبح الوضع صعب على منظمات نسوية مثل نظرة و المرأة الجديدة في مزاولة نشاطهم.
-
سبق لنظام السيسي أن سجنك، على خلفية المشاركة في وقفة احتجاجية معارضة لحكم العسكر، وبعد خروجك، اعتقلت مرة أخرى و سجنك والافراج عنك…انطلاقا من تجربتك المريرة في سجون السيسي ونظامه كيف هو وضع النساء المعتقلات في قضايا سياسية داخل السجون المصرية؟
- الحقيقة أن أوضاع السجينات سواء السياسيات أو الجنائيات تسوء جدا فبالإضافة إلي التكدس الرهيب و الذي جعل مساحة السجين التي تجلس فيها لمدة 18 ساعة في اليوم في سجن مثل دمنهور هي 30 سم عرض في 150 سم طول فأنه في بعض السجون مفروض عزل تام على السجينات السياسيات و منع اختلاط بهن بالإضافة إلى منع المراسلات أو الكتب في بعض السجون.. و في بعض الحالات تعزل السجينات تماما في زنزانة بعيدة مثل ما حدث مع المعتقلة سارة حجازي و التي اتهمت برفع علم المثلية في حفل مشروع ليلي في سبتمبر 2017 أو علا المتهمة بتفجير كنيسة و التي كانت مسجونة في حبس التأديب و هي حامل، فبعد الولادة أسكنت مستشفى السجن، أو تكون في عنبر به سجينات و لكن ممنوع الاختلاط بهن مثل ما يحدث مع إيناس إبراهيم من معتقلي الفسحة و ما حدث معي في سجن القناطر.. قد تتعرض بعض السجينات خاصة في الاقسام و ليس السجون للتحرش. و لكن هناك سجون أخرى لا تفرق في المعاملة ما بين سياسي و جنائي و هو ما مررت به في سجن دمنهور. وفي الختام أؤكد على أن تحرر المجتمع من قيود العبودية و الاضطهاد والاستغلال الرأسمالي لا يمكن أن يتم إلا بتحرر النساء من ذات القيود، بل إن النساء هن الأكثر اضطهادا واستغلالا ومسألة تحررهن رهينة بإسقاط النظام الرأسمالي.