احتلت فرنسا تونس بموجب معاهدة باردو سنة 1881 على إثر تراكم الديون الخارجية خلال السنوات 1863 – 1865 والتي وضعت تونس تحت رحمة الدائنين الخارجيين بما في ذلك فرنسا.
كانت تونس قبل الحماية جزءا من الإمبراطورية العثمانية وتتمتع باستقلالية كبيرة ويترأس الدولة ملك يسمى بباي تونس. لم يكن لتونس إلى حدود سنة 1837 أي ديون عمومية. قام أحمد باي (1855-1837) ببرنامج نفقات ضخمة (بشراء معدات عسكرية، بناء إقامات ضخمة…) كما واصل الصادق باي نفس سياسة الإنفاق الضخمة (1882-1859). وكان رئيس وزرائه، مصطفى خزندار، الذي كان يدير شؤون البلاد منذ عام 1837، قد فتح المجال أمام نفوذ المصرفيين الأوروبيين. وذلك بحكم تورطه في الفساد، فكان يفرض عمولات على جميع الصفقات العمومية وجمع بذلك ثروة هائلة على حساب الخزينة العامة. ولقد اتبعوا سياسة تبديد المال العام (من ذلك شراء أسلحة غير صالحة للاستعمال، وبناء قصور لقنصلية فرنسا وبريطانيا …) نتج عنها مديونية مفرطة.
وهكذا “ارتفع الدين العام الداخلي بنسبة 60% خلال السنوات الثلاث الأولى من حكم محمد الصادق باي. وقد استفاد التونسيون المتنفذون والأجانب ذوو الدخل المرتفع من سياسة الدين الداخلي التي زودتهم بعائدات مالية مرتفعة[1]“.
وكان الشعب قد أٌكره على دفع هذه الفاتورة من خلال تحمّله عبئا ضريبيًّا إضافيًّا بنسبة 100% ، ممّا أدى إلى ثورة سنة 1864 في البلاد بقيادة علي بن غذاهم.
ووفقًا للدراسة التي أجراها الدكتور إريك توسان[2] المديونية: السلاح الذي مكن فرنسا من السطو على تونس “شرع الباي في القمع الشديد وهو ما سيسمح له بعد ذلك بانتزاع أكثر ما يمكن من الضرائب والخطايا من السكان. وكان القنصل الفرنسي قد كتب يوم 4 ديسمبر 1864 إلى وزير الشؤون الخارجية في باريس أنّ” حكومة الباي تنازلت فورا عن سياسة الرأفة التي بدا أنّه أراد البدء بها…… وها هو يعود إلى الشدة والصرامة التي تترجم في سياسة الحديد والتعذيب ليحصل من المحافظات الساحلية على ضرائب حرب باهظة”….” لم يكن من الممكن فرض الغرامة إلاّ بواسطة العزل والتكبيل والضرب المبرّح والبطش المفرط المتجاوز لكل القوانين حسب قانوننا العام الحالي. ومن بين مظاهر هذا البطش أشير إلى مصادرة الممتلكات والتعذيب الشديد الى حدّ ينجرّ عنه الإصابات البليغة والوفاة واقتحام المنازل … وأخيرا اغتصاب النساء أمام أعين آبائهنّ أو أزواجهنّ وهم مقيّدون بالســــلاسل.”…….
لتحميل المذكرة كاملة :