معطيات عامة عن الندوة:
سياق الندوة: الأسبوع العالمي للتعبئة ضد الديون من 10 الى 17 أكتوبر 2020
ندوة رقمية، تابعها 150 متتبع ومتتبعة
التنظيم: شبكة شمال افريقيا للسيادة الغذائية
مسير الندوة : الصحافي التونسي، غسان بنخليفة
المشاركون/ات في الندوة، الأساتذة:
- نجيب اقصبي، من المغرب
- سلمى حسين، من مصر
- هشام صافي الدين، من لبنان
محاور الندوة :
+ المحور الأول : حجم المديونية الخارجية خصوص الخارجية منها وتأثيرها على الاقتصاد وعلى الطبقات الشعبية
+ المحور الثاني: هل هناك إمكانية للخروج من المديونية، وما هي الشروط السياسية و العملية؟
تقديم الندوة :
تم تقديم الندوة على الشكل التالي : مداخلات الأساتذة/ت في مرحلة اولى لمناقشة المحور الأول ثم بعد ذلك، قدموا المحور الثاني و تفاعلوا مع أسئلة وملاحظات المتتبعين والمتتبعات . لكننا قدمنا هذا الملخص متضمنا للتدخلات التي تم جمعها في مداخلة واحدة لكل متدخل/ة.
مداخلة الأستاذ نجيب أقصبي
الأهم في المديونية هو فهم الآليات المندمجة في السياسات العمومية التي تؤدي الى نفق المديونية. تعتبر المديونية العمومية الخارجية مهمة وهي ضرورية لتقييم المديونية الخاصة ببلد ما. إن الدولة تضمن المؤسسات العمومية التي تقترض من المؤسسات الدولية وهي ملتزمة بالأداء في حالة عجزها. يمكن تقديم بعض الأرقام الدين المغربي في عجالة:
تقدر المديونية العمومية المغربية في نهاية 2020 ب 95 الى 100 مليار دولار وقد تم اقتراض 5 مليار دولار خلال سنة 2020 في بلد ناتجه الداخلي الخام يقدر بحوالي115 ألى 120 مليار دولار. ولذلك فالمديونية تشكل ما يقرب 90% من الناتج الداخلي الخام.
يمكن ان نشير أيضا إلى تكلفة الدين. فخلال سنة 2020 توقعت الدولة في قانون المالية قبل تعديله انها ستقترض حوالي 97 مليار درهم( دين داخلي وخارجي) وفي نفس الوقت نجد ان خدمة الدين تساوي أيضا 97 مليار درهم. وهذا يعني الوصول الى نفق المديونية أي انك لا تقترض من اجل الاستثمار والتطور والنمو وإنما لتسديد الديون السابقة فقط، وهذا ما يستنزف ميزانية الدولة. تستنزف خدمة الدين ما يقارب 30% من مداخيل الدولة ويتم ذلك على حساب النفقات الاجتماعية التي يمكن ان توظف لصالح التجهيزات الأساسية كالصحة و التعليم…الخ . في وضع المغرب لا يشكل الدين الخارجي القسط الأكبر في المديونية، لقد كان هذا الوضع قائما خلال ثمانينات وتسعينيات القرن الماضي ولكن منذ حاولي خمسة عشرة سنة تقريبا وقع تغيير بنيوي، حيث أصبحت الديون الداخلية تمثل اليوم 65 الى 70% من الديون العمومية ، و تتحكم الأبناك و شركات التامين وصندوق الإيداع و التدبير في اكثر من 90 % من هذه المديونية علما ان القطاع البنكي لازال مرتبطا الأبناك الدولية. اننا بصدد شبكة مصالح بين مجموعة من الابناك و المؤسسات المالية وميزانية الدولة. لقد حدث تغيير بنية المديونية في بداية الالفية الثالثة وهو اختيار اقتصادي و اجتماعي و سياسي حيث ارادت الدولة ان تبحث عن توازن بين الدين الداخلي والخارجي. وخلال سنة 2020 تم تسديد 9 مليار دولار استحوذت الابناك وشركات التامين على معظمها أي حوالي 7 مليار دولار وهي ما يقارب 70 مليار درهم بينما ميزانية الصحة لا تمثل سوى حوالي 16 الى 18 مليار درهم. ان ميزانية الدولة تخسر ما يعادل 5مرات تقريبا ميزانية الصحة، وهذا القدر المالي يذهب مباشرة الأبناك و المؤسسات المالية الخصوصية و الأجنبية. إذن نحن أمام إطار مصلحي دو جذور طبقية واضحة.
خلال سنة 2020 لم تمثل الديون الخارجية سوى حوالي ثلث المديونية العمومية رغم الاقتراض الكبير من الخارج خلال هذه السنة. وعندما نقول ان المديونية الخارجية لا تمثل سوى 35%، فهذا يعطي الانطباع ان ليس لها ثقل كبير. ان مشكل المديونية الخارجية لا يكمن في نسبتها فحسب بل في الاطار الذي تخلقه المديونية وهو اطار دولي متحكم فيه من قبل المنظمات المالية الدولية. هذا الاطار يلزمك بشروط البنك الدولي وضغوطاته أي ان تخضع السياسات العمومية لمصالح الدائنين، مهما كان حجم الدين( طبها كلما كان الدين كبيرا كلما كانت الشروط و الاملاءات كبيرة).
يجب ان نفهم ان المديونية ليست مسألة مالية صرفة بل آلية من آليات الاستعمار و الاستغلال للتحكم في السياسات العمومية للبلدان . ان العلاقة مع الخارج لا تنحصر في الجانب المالي بل تهم العلاقات التجارية وطبيعة الإنتاج والاستثمارات الأجنبية وبالتالي ضمان المناخ المناسب للأعمال أي تكييف واقعنا لنكون اكثر جاذبية. فالرهان على السياحة مثلا يعني انه علينا ان نتبع سياسة تراعي رغبات السياح الأجانب وكل هذا يؤدي في المجمل الى سن سياسة تخضع لرغبات الأجنبي وليس لحاجيات السكان. لقد دخل الاستعمار لبلداننا عبر المديونية، والامر لم يتغير في العمق بعد الاستعمار ، فثوابت المديونية بالنسبة لجل البلدان هي سياسات خاطئة او متخاذلة او أخطاء تدبيرية فاحشة من طرف الحاكمين وهذا ما يؤدي الى ازمة المالية العمومية. وامام هذا الوضع هناك اختيارين:
– إصلاحات جذرية داخلية وبالضبط اصلاح ضريبي حقيقي لتعبئة الفائض الداخلي لجلب الأموال للخزينة، اصلاح ضريبي حقيقي منتج، ناجع وعادل.
– اللجوء الى المديونية، و هي الحل السهل.
وعبر تاريخ بلداننا، فضل الحكام حل المديونية أي الارتماء في أحضان الدائنين عوض الحل الحقيقي أي الإصلاحات الداخلية. هذه هي الثوابت لان هذا التحليل يمكن ان يصلح للماضي و الحاضر ولمختلف بلدان منطقتنا.
بالعودة الى ما سمي سياسات التقويم الهيكلي التي أدخلت بلداننا في نفق التحكم من طرف المؤسسات المالية، فرض علينا التحرير، الاعتماد على القطاع الخاص، التراجع عن الخدمات العمومية بمبرر ان القطاع الخاص هو الذي سيوفر الامكانية للقيام بهذه الأشياء والمرادف لهذا الخيار، نظام ضريبي متسامح مع القطاع الخاص وأصحاب الثروات الكبرى بمبرر ان هؤلاء هم من سيخلق مناصب الشغل. إذن فالدولة قامت بنظام ضريبي لا يسمح بجلب الموارد الضرورية لتمويل الخدمات العمومية وراهنت على العولمة أي على السوق الدولية والمستثمرين الأجانب و الدائنين الأجانب. المشكل هو ان هذه الرهانات لم تربح مما أدى الى المديونية. فالبورجوازية التي راهنت عليها الدولة وقدمت لها الامتيازات لخلق طبقة قائمة وقوية، لم تقم بدورها ، لقد اخذت كل شيء ولم تعط أي شيء ولم تلعب دور القائد. الدولة وجدت نفسها عاجزة عن تمويل النمو وترفض اصلاح ضريبي يجعل الأغنياء يمولون الخدمات، لذلك يبقى الحل هو المديونية. في الحقيقة هناك، موضوعيا، جدلية منافع ومصالح بين ، قوى الهيمنة الأجنبية ، عبر المؤسسات المالية الدولية ، والطبقات الحاكمة السائدة ببلداننا التي لا تريد إصلاحات جوهرية، وهذه الطبقات ترتمي في أحضان المديونية وفي المقابل تتحكم المؤسسات المالية في بلداننا عبر هذه المديونية. وهو نفس الامر في عدة بلدان أخرى.
إن الدولة لا تتحكم، اليوم، في السياسات النقدية حتى لو تم انتخاب حكومة ديمقراطية، بسبب فقدان الحكومات للمراقبة على السياسة النقدية، ومن هنا خطورة المديونية.
ختاما، كورونا لم تأت بالجديد لكنها بينت، لمن لا يريد ان يرى الواقع، مشكل الصحة العمومية وهول خصاص الخدمات العمومية الأساسية، بينت الخطأ الفادح المتمثل في المراهنة على القطاع الخاص وتفقير الدولة و الآن هناك الحاجة لإعادة الاعتبار للدولة. ثانيا، أظهرت بروز الحاجة الى السيادة الوطنية والسيادة الغذائية، فالجميع أصبح يتكلم على ضرورة السيادة الغذائية. وهذا الخطاب كان غائبا قبل الازمة وكان من الحماقة التطرق اليه من قبل. اليوم، الدولة نفسها تتكلم هذه اللغة من خلال إعادة النظر في اتفاقيات التبادل الحر مع تركيا.
بالنسبة للآفاق، يجب أن نميز وجود مديونية كريهة ومن غير الصحيح اعتبار المديونية الخارجية كلها كريهة. علينا ان نقوم بعملية تدقيق المديونية.
تفريغ الندوة: العربي الحفيضي عضو السكرتارية الوطنية لاطاك المغرب
لمشاهدة الندوة كاملة الرجاء الدخول إلى الرابط التالي: اضغط هنا