في سياق الذكرى 20 سنة على تأسيس أطاك المغرب، عضو الشبكة الدولية للجنة من اجل إلغاء الديون غير الشرعية CADTM، ستقوم الجمعية بنشر إصداراتها الرئيسية باللغة العربية و الفرنسية(صيغةPDF)، لتعميم الفائدة ومن أجل تثقيف شعبي متجه نحو النضال. وفي ما يلي نقدم لكم كتاب: “تدقيق موطني للمديونية العمومية تجارب وطرق”، للقراءة و التحميل.

تقديــــــم

لم تكن الشعوب أبدا على علم كاف بالديون العمومية التي تسددها عن طريق تخصيص موارد من الميزانيات الحكومية لهذا الغرض. وتعتبر الديون على العموم بمثابة مقابل لدخول موارد مالية عن طريق القرض أو اصدار سندات .

لكن أبحاثا أنجزت في بلدان مختلفة، بينت بأن جزء كبيرا من هذه الديون العمومية- الداخلية والخارجية- لا يستجيب، بالضبط،  لهذا المقياس، مادامت الديون- التي تم إحداثها- كانت  بدون مقابل من حيث السلع والخدمات أو المنافع بالنسبة للمجتمع. وعلاوة على ذلك، تتزايد هذه الديون، بسبب التكاليف التعسفية والشروط الفاسدة وإعادة التمويل المتتالية، وهي من بين استراتيجيات أخرى، تسبب التوليد الذاتي والمستمر لديون جديدة. يتم كل هذا من خلال آلية ، تتطلب تخصيص أموال، باستمرار، لتسديد نسب الفائدة المرتفعة والعمولات والرسوم، بينما يتواصل ارتفاع  رصيد الدين.

تشتغل هذه الآلية عبر مجموعة من التعقيدات التي تقود إلى تدخل المنظمات المالية الدولية، التي تخضع البلدان الدائنة لبرامج التقويم الهيكلي وإصلاحات مضادة ضارة بالحقوق الاجتماعية، من أجل تسديد الديون العمومية. وفضلا عن ذلك يتم فرض اجراءات مختلفة  يستفيد منها القطاع المالي، على الخصوص، عن طريق تحويل الديون الخاصة إلى ديون عمومية وهذا ما يسبب تضحيات اجتماعية اضافية و يكرس استمرار الديون.

في هذه الظروف، ليست المديونية العمومية وسيلة لتمويل الحاجيات الجماعية. ومنذ عقود، يتعلق الأمر بآلية لتحويل الموارد العمومية نحو القطاع المالي الخاص.

نسمي إذن ” نظام الدين” هذا الاستعمال المقلوب لأداة المديونية العمومية التي ترتكز على خصم موارد بدلا من إضافتها.

يشتغل هذا النظام بشكل متشابه في كافة أنحاء العالم. ويرتكز على السلطة الدولية الهائلة للقطاع المالي، التي تجعل بالنسبة له امكانية رقابة الهياكل القانونية، السياسية، الاقتصادية، و التواصلية للدول،  أمرا ممكنا بإحداث آليات مختلفة تجعل هذه الهيمنة قابلة للحياة.

و أخيرا، تنعكس تكلفة الدين العمومي على المجتمع خاصة على الأكثر فقرا سواء عبر تسديد الضرائب المرتفعة على مواد الاستهلاك أو بسبب غياب أو ضعف الخدمات العمومية التي هي من حق الشعب- الصحة، التعليم، المساعدة، التقاعد- أو أيضا بيع الثروة العمومية عبر الخوصصة و الاستغلال اللامتناهي للثروات الطبيعية، مع كل الأضرار البيئية و الاجتماعية غير القابلة للإصلاح التي يسببها هذا.

من الضروري معرفة الديون التي تسددها الشعوب . و التدقيق هو الأداة التي ستسمح لنا بتسليط الضوء عليها و توثيق هذا المسلسل.

بوجه تأثير السلطة المالية على معظم الحكومات، فإن إحدى المهام التي تقع على عاتق الشعوب هي انجاز تدقيق مواطني، يجب أن يجمع البراهين و الدلائل القانونية الضرورية لإلغاء الديون غير القانونية و غير الشرعية.

إن هدف هذا الكتاب هو إلهام الحركات الاجتماعية لدفعها لإنجاز تدقيقات مواطنة للدين العمومي في كل أنحاء الكوكب، من أجل توعية المجتمع بالحقائق المالية وتقوية النضالات الاجتماعية التي تعمل من أجل نموذج آخر للعدالة و الحرية و الأخوة.

يتضمن الفصل الاول تحليلا مختصرا لمسلسل التمويل العالمي و ارتباطاته بإنتاج الديون العمومية. يعتبر القطاع المالي الفاعل الرئيسي و المستفيد من نظام الدين. تتميز تصرفاته باستعمال سلسلة من الاستراتيجيات الخادعة، التي وضعت هذه الآلية الكبيرة للهيمنة العالمية. يركز هذا الفصل على ضرورة التقدم في بناء هياكل مالية أخرى مرتكزة على مبادئ الانصاف و العدالة.

بينت تداقيق مواطنة انجزت سابقا، بأن أغلبية الدين العمومي لم تولد بسبب دفع فعلي للأموال لكن بسبب استعمال سلسلة من الآليات و  الشروط المجحفة، و الاجراءات المفروضة من قبل المنظمات الدولية مما أدى إلى مسلسل متواصل من التوليد الذاتي للديون، كما يبن ذلك الفصل الثاني.

يقدم الفصل الثالث المفاهيم الأساسية ،وكذا أمثلة لعناصر مكتشفة  و مقاربات إضافية يجب أخذها في الحسبان في إطار التدقيق المواطني. إن الهدف هو توثيق طريقة اشتغال نظام الدين و إبراز الآليات التي تنتجه.

تبين تجارب تدقيق الدين التي أجريت من قبل المواطنين بكل من الاكوادور و البرازيل و الارجنتين، أنه من الممكن معرفة الحقيقة والحصول على نتائج ملموسة عن طريق استعمال أداة التدقيق. وهذا ما يساعد على ربح الوقت بالنسبة لمبادرات جديدة طبقا للوصف المختصر المقدم في الفصل الرابع.

يحتوي الفصل الخامس على مقترحات ذات طبيعة منهجية لإنجاز تدقيق مواطني للدين. بالاعتماد على التجارب المنجزة، تفصل مراحل الانجاز لهذه الأداة التقنية، مع أخذ أصل المديونية كنقطة انطلاق. إن المقصود هو تكذيب الفكرة التي مفادها أن المختصين فقط، هم وحدهم قادرون على المشاركة في مسلسل التدقيق. فقط المشاركة والإرادة ضروريان لإبراز الحقيقة، دفاعا عن أجيال اليوم  والمستقبل.

و أخيرا، يقدم الفصل السادس الحجج القانونية للقانون الوطني والدولي التي تدعم العناصر المكتشفة عن طريق إنجاز تدقيق مواطني والمتميزة بالمخالفات والاحتيالات والرذائل، التي يمكنها تحديد لا قانونية و/ أو لا مشروعية دين عمومي. يسمح هذا بإعلان بطلان نظام الدين وبمعاقبة مشغليه الداخليين والخارجيين .

يسمح التدقيق المواطني للمجتمع بأن يكون صانعا لسلسة من الأعمال المرتكزة على التعبئة الاجتماعية  المنبثقة من هذه الأداة التقنية بما في ذلك التتبع الدوري لتطور الدين العمومي و تأثيراته الاقتصادية، البيئية  على حياة الشعوب. لا يستطيع المجتمع الاكتفاء بملاحظة غير فعالة لتبذير ميزانيات الدولة و انتهاك الحقوق الانسانية الناتج عن ذلك، لتغذية نظام الدين. من الضروري تنظيم فعل حازم و تعبوي يؤدي إلى تغيير فعلي.

نحن ملتزمون منذ زمن طويل بالاشتغال على مسالة الدين، في هذا الاطار، أصدر مركز اوروبا- العالم الثالث ( CETIM) و اللجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث( CADTM) بدعم من ” تدقيق مواطن للدين بالبرازيل” سنة 2006، كتابا حول انجاز تدقيق الدين و الذي اثبت أنه أداة ثمينة في خدمة الحركات الاجتماعية و بعض الحكومات من العالم بأكمله ، (انظر:(www.cetim.ch .

نفذ هذا الكتاب بسرعة كبيرة، وأخذا بعين الاعتبار ، من بين تجارب أخرى، التجربتين البرازيلية والاكوادورية بخصوص تدقيق الدين، التي تجري بين الفينة و الأخرى، فإن فكرة كتاب جديد محين قد برزت ببرازيليا خلال الندوة الدولية ” بدائل لمواجهة الأزمة” ( اكتوبر 2011). هذه الندوة حفزتها و نظمتها جمعية ” تدقيق مواطن للدين” وبمشاركة CADTM CETIM. ساهمت هاتان المنظمتان في تمويل هذا الكتاب إلى جانب كل من LATINDADو السلطات العمومية بكانتون بجنيف و مدينة جنيف عن طريق فيدرالية جنيف للتعاون ( سويسرا) و FSPH من النرويج، NCA  من سويسرا،ELA من دول الباسك، ODG من كاتالونيا. فشكرنا و امتناننا لكل هذه التنظيمات و المؤسسات.

إنه لشرف أن ننجز هذا العمل التطوعي و أن نكتب تجارب التدقيق المواطن. لقد أصبح هذا ممكنا بفضل تعاون عدد كبير من الأشخاص، خصوصا المختصة في التدقيق الاكوادورية مريم أيالا. أشكر عميقا كل الأشخاص الآتية أسماؤهم – و هم من مختلف أنحاء العالم- لمشاركتهم و تعاونهم لإنجاز هذا الكتاب: من البرازيل :اولاليا ألفارنجا، رودريغو أفيلا، دانييل بين، مارسيليوكاركانولو، جاو غابرييل لوبز، أري مينيلا، مودستودا سيلفيريا. من الارجنتين : ألخاندروألموس كون، ماريا إيلينا ساليداس، جورج مارشيني. من بلجيكا : سيسيل لامارك، فيرجيني دو روماني، إريك توسان. من بوليفيا : باتريسيا ميراندا. من كولومبيا: ويليام كافيريا، دانييل مانيفر .من الاكواتور: إيكو أرياس، بييدامانسيرو. من اسبانيا: سيرجي كتيلاس، جيروم ديفال، إيتزيارخيميناس، سيول جورجي، ميكيلنوفال، جانيرلاندلوز، من فرنسا: باتريك سوران. من اليونان : سبيروسمارشيتوس. من إيرلاندا: نيسا نيش ازيد. من النرويج : جينا أيخولت. من البيرو: روميلو توريس، جيانفيلسكيز. من البرتغال: ري فيانا، تيريزا اكزافيي. من اسويسرا: جيلي ديشاتيل. لقد كانت إضافاتهم و تعليقاتهم ومقترحاتهم ثمينة.

نهدي هذا الكتاب لكل المواطنات والمواطنين الذين ينتظمن وينتظمون ويناضلن ويناضلون من أجل عالم عادل وديمقراطي ومتضامن.

ماريا لوسيا فاتوريلي

للتحميل الكتاب صيغة PDF : التدقيق في المديونية تجارب وطرق