يعتبر كتاب “رأس المال في القرن الحادي والعشرين” مرجعا ضروريًا بالنسبة لأولئك الذين يريدون معرفة المزيد عن التوزيع غير المتكافئ للثروة داخل المجتمع. عند قراءة هذا المؤلف (950 صفحة ، يضاف إليها قدر كبير من البيانات والجداول الإحصائية التي يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت)، يتبادر إلى الذهن استنتاج أول: أهمية حركة احتلوا وول ستريت وغيرها، في مناهضة ال 1٪ الغنية.

في الواقع، في فرنسا، كان الأغنياء، ونسبتهم لا تتجاوز 1٪ من السكان، يمتلكون، في عام 2013؛  25٪ من إجمالي ثروة البلد. في المملكة المتحدة، تمتلك نفس النسبة من السكان 30٪، في السويد 20٪، وفي الولايات المتحدة 32٪. إذا أضفنا إلى تلك الحصص ما تم إخفاؤه من الثروة عبر الفراديس الضريبية أو غيرها من أشكال التحايل، فإن النسبة ستزيد بما لا يقل عن 2 إلى 3 نقاط مئوية. ببساطة، فإن ال 1٪ من السكان هم تقريبًا من الطبقة الرأسمالية وهم يستحوذون على جزء مثير من الثروة.

إذا قمنا بتوسيع الدراسة لتشمل 10% الأكثر غنى، فإننا سنصل في عام 2013 إلى النسب التالية: في فرنسا، يمتلك ال 10٪ الأكثر غنى 60٪ من الأصول؛ في المملكة المتحدة 70٪؛ في السويد 60٪؛ في الولايات المتحدة 70٪. بصورة تقريبية، يمكننا اعتبار أن الـ 9٪ المضافة بهذه الطريقة تمثل الحاشية أو الحلفاء بالمعنى الواسع للطبقة الرأسمالية.

تعمق تركيز الثروة واحتكارها منذ نشر كتاب “بيكيتي”.

يجب على الحركات الشعبية أن ترفع مطالب محددة لاتخاذ إجراءات بشأن ال 1٪ الأكثر غنى و 9٪ التي تليها. تكشف كتلة الممتلكات المنقولة وغير المنقولة التي تستحوذ عليها هذه العشرة في المائة، إلى أي حد يجري توزيع الثروة بصورة غير متساوية، وتُظهر أن الحكومة اليسارية يمكن أن تجد كميات كبيرة جدًا من الموارد، من جهة، لتنفيذ سياسة تحسين الظروف المعيشية لغالبية السكان، و من جهة، إجراء تغييرات هيكلية عميقة من أجل الشروع في الخروج من الرأسمالية الإنتاجية ومواجهة الأزمة البيئية.

يلخص “توماس بيكيتي” في جدول حصص الثروة التي يملكها ال 10٪ الأكثر غنى، و 40٪ التي تليهم، وال 50٪ الموجودون في الأسفل.

الجدول 1. عدم المساواة في ملكية رأس المال

 

الولايات المتحدة الأمريكية 2010 أوروبا 2010 حصة مختلف المجموعات من إجمالي الثروة
70 % 60 % ال 10 % الاكثر غنى
35 % 20 % منها 1 % الأكثر غنى
35 % 35 % منها ال 9 % التي تليها
25 % 35 % ال 40 % في الوسط
5 % 5 % ال 50 % الأكثر فقرا

 

لا يمتلك نصف سكان الشمال غير 5% من إجمالي الثروة وحسب. و هو سبب مقنع لتبرير مطلب الضريبة على الثروة الذي يرفعه اليسار، والذي لا يهم ال 50 % ممن هم تحت [كضريبة]. أما بالنسبة لل 40٪ ممن هم في الوسط ، وباستخدام تعبير “توماس بيكيتي”، فإنهم يمتلكون 35٪ من إجمالي الثروة في أوروبا الغربية و 25٪ في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وهم يتشكلون أساسا من موظفين وأقلية من العاملين لحسابهم الخاص. كما يمكن إعفاؤهم من الضريبة على الثروة، على الأقل، على سبيل المثال، ثلاثة أرباعهم.

إذا انتقلنا من النسب المئوية إلى المبالغ باليورو، يمكننا أن نقيس، بصورة أفضل، ما يعنيه تركيز الثروة، بالنسبة لجزء صغير جدًا من السكان.

فكرة عن الثروة حسب المجموعات المختلفة

وفقًا “لتوماس بيكيتي”، في العديد من البلدان الأوروبية التي تتمتع بمستوى معيشي قريب من ذلك الذي في فرنسا، يبلغ متوسط ثروة 50٪ من الطبقة الدنيا 20000 يورو، ولكن جزءا كبيرا من هؤلاء، ليست لديهم أية أصول، أو أسوأ من ذلك، هم مدينون.

هذا فيما متوسط ثروة ال 40٪ التي في الوسط، حسب تعبير “بيكيتي”، تبلغ 175000 يورو (حيت تتراوح ما بين 100000 إلى 400000 يورو). ال 9 ٪ التي تعلوها، تملك 800000 يورو وتراكم ال 1 ٪ المتصدرة لأعلى الهرم 5 ملايين يورو. بالطبع، في الجزء العلوي من هذه الـ 1٪، نجد ثروات مثل ثروة الفرنسي برنارد أرنو (LVMH) الذي لا يزال أغنى أوروبي في العالم بثروة تبلغ 76 مليار دولار.

من التوزيع غير العادل للثروة الخاصة في الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة إعادة توزيعها

لنأخذ على سبيل المثال الاتحاد الأوروبي، الذي بلغ ناتجه المحلي الإجمالي في عام 2013 حوالي 14.7 تريليون يورو. يبلغ إجمالي الثروة الخاصة للأسر الأوروبية حوالي 70 تريليون يورو. تمتلك ال 1٪  الأكثر غنى حوالي 17.5 تريليون يورو وحدها (25٪ من 70 تريليون يورو). ال 9٪ التالية تستحوذ على 24.5 تريليون يورو (35٪). ال 40٪ في الوسط تحوز 24.5 تريليون يورو (35٪). الـ 50٪ المتبقية تمتلك 3.5 تريليون يورو (5٪).

تبلغ الميزانية السنوية للمفوضية الأوروبية حوالي 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي. وهذا يعني أن ضريبة سنوية بنسبة 1٪ على ثروة ال 1٪ الأكثر غنى في الاتحاد الأوروبي ستوفر مبلغًا قدره 175 مليارًا، وهو أكثر من ميزانية الاتحاد الأوروبي الحالية، والتي تبلغ حوالي 145 مليار يورو. ماذا لو فرضت ضريبة بنسبة 5٪؟ يعطي هذا فكرة عما سيمكن تحقيقه إذا ما جرى إحراز نجاح من خلال التعبئة الاجتماعية في إحداث تغيير جذري في السياسة على المستوى الأوروبي أو حتى على مستوى دولة واحدة في الاتحاد الأوروبي.

ضريبة لمرة واحدة (أي يتم تنفيذها مرة واحدة في كل جيل) بنسبة 33٪ على ثروة ال 1٪ الأكثر غنى في الاتحاد الأوروبي، ستوفر حوالي 6 تريليون يورو (على سبيل المثال، أكثر من 40٪ ضعف الميزانية السنوية للاتحاد الأوروبي!). ماذا عن مصادرة نسبة 80٪؟

سيمكن ذلك من اتخاذ إجراءات تتعلق بفرض الضرائب على الأصول الخاصة للرأسماليين وإمكانية بلورة مقترحات للعثور على المال أينما يكون، قصد وضعه في خدمة العدالة الاجتماعية.

هناك العديد من الاقتصاديين الذين يرددون مرارًا وتكرارًا أنه لا جدوى من فرض ضرائب على الأغنياء نظرًا لقلتهم، لدرجة أن العائد لا يمكن أن يكون مهمًا حقًا. يوضح “توماس بيكيتي” أن ال 1٪ الغنية قد راكمت مع مرور الزمن مثل هذا الحجم من الممتلكات المنقولة وغير المنقولة بحيث يمكن لسياسة تستهدف فئة ال 1٪ أو ال 2.5٪ (حتى 10٪ الغنية) أن توفر هامشا كبيرا جدا من المناورة للقطع مع النيوليبرالية.

إلى أولئك الذين يدعون أن هذه الثروة لا يمكن الوصول إليها لأنها تتنقل عبر الحدود بسهولة، عليهم أن يعلموا أن المصادرة وتجميد الأصول المالية والغرامات المرتفعة ومراقبة حركة رأس المال هي أدوات قوية يمكن استخدامها بصورة فعالة للغاية.

التوزيع غير المتكافئ للثروة الخاصة على مستوى الكوكب

ما قيل للتو عن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يعمم على بقية العالم لأننا، من شمال الكوكب إلى جنوبه، شهدنا زيادة هائلة في ثروات الأغنياء.

يمكن أن نهتم أيضًا، كما فعل توماس “بيكيتي”، بأقلية صغيرة جدا. كان أغنى 1 على 20 مليون من البالغين في العالم في عام 1987 يتألف من 150 شخصًا، وبلغ متوسط ثروة كل منهم 1.5 مليار دولار. بعد ستة وعشرين عامًا، في عام 2013، كان 225 من الأشخاص يمتلكون، من ضمن 20 مليون غنيا؛ 15 مليار دولار لكل منهم، بزيادة قدرها 6.4٪ سنويًا. يملك 0.1٪ من الأكثر غنى في العالم (المليون الأول من أغنياء سكان العالم) 20٪ من ثروة العالم، و 1٪ يمتلكون 50٪. إذا أخذنا بعين الاعتبار ثروة ال 10٪ الأكثر غنى في العالم ، يقدر” توماس بيكيتي” أنها تمثل 80 إلى 90٪ من إجمالي الثروة العالمية، أما ال 50٪  ممن هم في الأسفل، فيملكون بالتأكيد أقل من 5٪. هذا مؤشر كذلك على مقياس الجهود الواجب بذلها لإعادة التوزيع. إعادة التوزيع هذه، التي تتطلب مصادرة جزء كبير جدا من ثروات الأغنياء.

يلاحظ “توماس بيكيتي” أن وثيرة نمو ثروة الألف الأولى الغنية على هذا الكوكب، تزداد بمعدل 6٪ سنويًا خلال العقود الماضية، بينما نما إجمالي الثروة بمعدل 2٪. إذا لم يتم اتخاذ منعطف جذري، مع بقاء كل الأشياء الأخرى كما هي، فبعد 30 عامًا، سيمتلك 0.1٪ (الألف الأكثر ثراء) 60٪ من الثروة العالمية في بدلاً من 20٪ 2013!

من ناحية الدخل، فإن التوزيع غير متكافئ للغاية

يهتم “توماس بيكيتي” أيضًا بـدخل العمل و يظهر أن ال 10٪ من الأغنياء يحتكرون 25٪ من دخل العمل في أوروبا و 35٪ في الولايات المتحدة.

الجدول 2 – إجمالي عدم المساواة في دخل العمل

 

حصة مختلف المجموعات من إجمالي دخول العمل في أوروبا 2010 في الولايات المتحدة الأمريكية 2010
ال 10% الأكثر ثراء 25 % 35 %
منها ال 1 % الأكثر ثراء 7 % 12 %
منها ال 9 % التي تليها 18 % 23 %
ال 40 % في الوسط 45 % 40 %
ال 50 % الأكثر فقرا 30% 25 %

 

إذا أضفنا دخل العمل إلى أشكال الدخول الأخرى (الإيجارات، والفوائد المكتسبة على المدخرات، وأرباح الشركات، والأرباح، وما إلى ذلك)، فإن التوزيع يكون أكثر تفاوتًا، كما هو مبين في الجدول 3.

الجدول 3. إجمالي عدم المساواة بين مختلف الدخول

حصة مختلف المجموعات في إجمالي الدخول أوروبا 2010 الولايات المتحدة الأمريكية 2010
ال 10% الاكثر ثراء 35 % 50 %
منها ال 1 % الأكثر ثراء 10 % 20 %
منها ال 9 % التي تليها 25 % 30 %
ال 40 % في الوسط 40 % 30 %
ال 50 % الأكثر فقرا 25 % 20 %

 

ترجمة : أطاك المغرب

الرابط الأصلي للمقال