حيت الرأسمال هو الرابح الاكبر والشعوب و الطبيعة أكبر الخاسرين.
من كلاسكو، لمواجهة أزمة المناخ العميقة، إحدى جوانب الازمة الرأسمالية الخطيرة، قام اللاعب الارجنتيني السابق أوغيستان بيتشو، الرئيس الحالي لشركة فورتسكو، بتقديم تصدير الهيدروجين الأخضر على أنه حل للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي نغرق فيها. يحاول، في حلقية، الوزراء سانتياغو كافييرو (الشؤون الخارجية والتجارة الخارجية و الثقافة)، ماتياس كولفاس (التنمية الإنتاجية) ووزيرة العلاقات الاقتصادية الدولية، سيسيليا توديسكا، اقناع الحضور والمنصتين لهم بمزايا هذا الحل الخاطئ، متجاهلين ذكر عواقبه الخطيرة.
ما هو “الهيدروجين الاخضر”؟
يطلق عليه كذلك “الهيدروجين المتجدد”، و يتعلق الامر بإنتاج الطاقة من الهيدروجين دون استخدام الوقود الأحفوري. الأسلوب الأكثر شيوعًا هو استخراج الهيدروجين من الماء، والذي يتكون من جزيئتين من الهيدروجين وجزيئة واحدة من الأكسجين (H2O). باستعمال عملية تسمى التحليل الكهربائي، يتم فصل جزيئة الماء إلى كتلتين أساسيتين. لذلك، فإن إنتاج “الهيدروجين الأخضر” يتطلب الماء ومحلل كهربائي وإمدادات وفيرة من الكهرباء. إذا كان مصدر الكهرباء متجددا، مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية أو الطاقة الكهرومائية، فإن الهيدروجين يعتبر “أخضر”.
يمكن أن يتطلب إنتاج “الهيدروجين الأخضر” ما يقارب تسع كيلوغرامات من الماء النقي للغاية من أجل كيلوغرام واحد من الهيدروجين. وهذا يعني أن المورد يمكن أن يتعارض مع احتياجات واستخدامات اخرى للماء النقي، و الذي أصبح نادرا بشكل متزايد.
اليوم، يعد إنتاج “الهيدروجين الأخضر” أحد المصالح الرئيسية للشركات الكبيرة العابرة للقارات (STN) وصناديق الاستثمار (Blackrock).
من أجل هذا الإنتاج، يجب توفير بنية تحتية مهمة للغاية، ويفضل أن تكون بنية تحتية للطاقة المتجددة، وهي، السدود الضخمة و مساحات لمراوح الرياح و الألواح الشمسية على نطاق واسع. تحوز باتاغونيا على الظروف المثلى لهذا، وخاصة في ريو نيغرو، حيث يتم التخطيط للاستثمار. بالطبع، مع شرط “طرد” لشعوبنا الأصلية.
تتجلى خطورة هذه المشاريع في كونها لا تأخذ في الاعتبار – من الواضح أن الرأسمال لا يقوم بذلك – التأثيرات على المجتمعات والأقاليم التي يدمرها بناء هذه البنى التحتية. وقد لوحظت بالفعل هذه المبيدات البيئية الحقيقية في بلدان الجنوب. و كمثال على ذلك مشروع Grand Inga في جمهورية الكونغو الديمقراطية (DRC)، الذي سهرت على انشائه المجموعة الأستراليةFortescue Metals ، وهي رابع أكبر شركة منجمية في الحديد عالميا وجهزت خطة لتصبح “محايدة الكربون” بحلول عام 2030. تعزز Fortescue Future Industries (FFI)، وهي شركة فرعية كاملة من Fortescue، المشاريع التي تنطوي على بناء قدرات إنتاج الطاقة المتجددة على نطاق واسع و “الهيدروجين الأخضر”. وقال أندرو فوريست، رئيس Fortescue، في بيان صحفي في أبريل 2021: “هدفنا هو توفير السلسلتين المفقودتين في مكافحة تغير المناخ، وخلق كل من الطلب والعرض، في الوقت نفسه، من الهيدروجين الأخضر. نظرا للفعالية العالية لطاقته وحياده البيئي، فإن للهيدروجين البيئي وللكهرباء الأخضر المباشرة قدرة للقضاء على الوقود الأحفوري من سلاسل التوريد. بمجرد تحقيق ذلك، سيسمح هذا التقدم أيضا في خفض تكاليف Fortescue. Fortescue هي الشركة التي سيتم تأسيسها في Rio Negro لتحويل المنطقة الى مركز عالمي لتصدير الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، بقدرة إنتاجية تبلغ 2.2 مليون طن سنويا.
إن الترويج لـ “الهيدروجين الأخضر” باعتباره “وقود المستقبل” وكذلك الطريق إلى “اقتصاد الهيدروجين” هو جرس إنذار للمجتمعات في جميع أنحاء العالم التي تناضل ضد البنية التحتية العملاقة للطاقة المتجددة. هذا الهجوم هو أيضا علامة واضحة على استمرار منظومة الطاقة الحالية غير المتكافئة وغير العادلة كما هي في ظل ما يسمى “الاقتصاد الأخضر”.
لا يطمئننا هذا المشروع، الذي قدمته الحكومة الوطنية “بضجة كبيرة”، والتي انضمت، في غلاسكو، إلى خطاب الأقوياء في هذا العالم الذين يدعون حل أزمة المناخ بـ “حلول زائفة” تؤدي إلى المزيد من التلوث والنهب. وبالطبع المزيد من المشاريع.
في نفس السياق، هناك مقترحات خاطئة بشأن “ائتمانات الكربون” والتي، بشكل نهائي، تحول تراخيص انبعاث الكربون والغازات الدفيئة (GHGs) إلى سلع، إلى سلع جديدة، بحجة خاطئة مفادها أن خفض الانبعاثات سيكون جذابًا اقتصاديًا و محفزا لاستثمارات القطاع الخاص في التكنولوجيا النظيفة. تشتري الشركات الملوثة “تراخيص انبعاثات” أو “أرصدة كربونية” للتعويض عن أضرارها. كما في الأيام التي كان يمكن فيها للأغنياء أن يخطئوا بسلام لأنهم يستطيعون شراء “الغفران” من الكنيسة وبالتالي ضمان ملكوت السماوات. اليوم، يشتري الملوثون الغفران البيئي ويواصلون القيام بمشاريع ضخمة.
نرفض كذلك “مقايضة الديون بالطبيعة”، أولاً لأنها تعترف بدين عام غير شرعي وغير قانوني وكريه، يجب تعليق سداده ومراجعته على وجه السرعة من خلال تدقيق بمشاركة شعبية. بعد ذلك، لأن هذه الآلية السياسية والمالية الضارة تدعي تنفيذ مشاريع الحفاظ على البيئة (التخفيف والتكيف) في بلداننا، والتي هي في الواقع أدوات لتمليك سلعنا المشتركة.
مؤتمرات الأطراف (COP) هذه، في إطار الأمم المتحدة، والتي اجتمعت لمدة 26 عامًا، بحضور رؤساء الدول والشركات العابرة للقارات والمؤسسات المالية الدولية وبعض ممثلي المجتمع المدني، لم تعدل حتى الآن أو حاولت تعديل ذرة واحدة من السبب البنيوي “للاحتباس الحراري”، وهو النمط الرأسمالي الحالي للإنتاج والتوزيع والاستهلاك.
هذا هو السبب في كون كلمات فيدل كاسترو في خطابه أمام “مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية” يوم 12 يونيو 1992 ، يتردد صداها في آذاننا مرة أخرى. “أوقفوا الأنانية، توقفوا عن الهيمنة، اللامسؤولية والخداع. غدا، سيكون الأوان قد فات لفعل ما كان يجب أن نفعله منذ وقت طويل”.
بقلم ماريا ايلينا سالوداس بتاريخ 2 نونبر 2021
ترجمة: يوسف فاضل
الرابط الأصلي للمقال: هنا