الأبوية

بداية، تعني الكلمة سيطرة الأب. و لم تأخذ معناها الحالي الا مع موجة النسوية خلال السبعينات. إن علاقة السلطة بين الجنسين حيث يهيمن الرجال على النساء لها تاريخ.

في عصور ما قبل التاريخ، ساد اقتصاد الكفاف (الصيد و القطف). لم يكن هناك تراكم لل”بضائع”، ولكن استمر البحث عن موارد ووسائل للعيش. “عمل” كل واحد و واحدة ضروري لضمان بقاء القبيلة. لا أحد يستطيع امتلاك الموارد دون تعريض هذا البقاء للخطر. لذلك هناك مساواة اجتماعية.

شهدت المجتمعات الزراعية الأولى التنظيم التعاوني للعمل. و الذي توجد فيه دائما مساواة اجتماعية وملكية مشتركة للموارد ووسائل الإنتاج. يتم استغلال الأراضي بشكل مشترك باعتبارها ملكيات مشتركة. يسود هذه المجتمعات تقسيم معين للعمل بين الرجال والنساء (للنساء مهام محددة كالعمل في الحقول، الفخار، النسيج) لكن هذا التقسيم الجنسي للمهام لا يعتبر اضطهادا للنساء ولا حصرا للمجال العمومي.

في المجتمعات القديمة، مع تراكم الموارد وتطور القوة الإنتاجية والوسائل، ظهر فائض انتاج اجتماعي. هذا ما أدى الى تشكل الطبقات الاجتماعية، بعضها يستحوذ على فائض الإنتاج ويرغب في انمائه. بالنسبة للنساء، تغير الوضع جذريا: ظهر مفهوم الإرث و تنتقل الملكية عن طريق الرجال، مما يعني أهمية الخلف الذكر الذي يجب ضمانه. بذلك تصبح المرأة ملكية لأنها والدة قبل كل شيء. ويصبح الزواج مصدرا للملكية والثروة. المهر كمثال، في المجتمعات الأميسية، عبارة عن هدية، استحال ماشية أو أرضا.

بعد ذلك بكثير، ظهر تحول آخر أثر على مكانة المرأة. مع انطلاق الرأسمالية والمانيفاكتورات، يكون العامل ـ المنتج منفصلا عن وسائل انتاجه، يؤجر الحرفي قوة عمله ولم يعد يمتلك أدواته. شيئا فشيئا مع تطور الرأسمالية، اصبحت السلع التي تهيأ من قبل  العائلات داخل البيوت تصنع في الخارج. منذ ذلك الوقت، تم تبخيس العمل المنزلي، باعتباره غير منتج لبضائع صالحة للتبادل. بما أن المسؤولية الرئيسية للمرأة ليست الإنتاج، فان عملها يعتبر ملحقا فقط: يعد أجرا  كماليا لأجر الذكر. تم استخدام مفهوم اليد العاملة التكميلية حسب الظرفية. سيتطور تشغيل النساء أكثر فأكثر نحو مهن تدعى ’’أنثوية’’ بالشكل الذي يمدد وظائفهن المنزلية وبأجور دنيا بما أنها نشاطات غير منتجة ومبخسة كونها مشتقة من المهام المنزلية. مع ذلك، في القرن العشرين، طرح الولوج الضخم للنساء إلى المعامل، وبعد ذلك للمكاتب، أسس تحررهن.

الأموية

يبدو هذا المفهوم موازيا لكلمة الأبوية. لكنه في الواقع، مختلف جدا. من جهة، تعني العلاقات الأموية علاقات حقيقية لسلطة وهيمنة النساء على الرجال الموحي بمجال الأساطير والخرافات.  يتفق الانتروبولوجيون والاثنولوجيون على هذا. غير أن، الأموية قد تشير الى مجتمعات شكلت فيها النساء مجموعات أو مجتمعات، لهن فيها كل السلطة. لكنها كانت سلطة بينهن وليست اضطهادا لمجموعات أخرى مكونة من الرجال.

الأميسية

لايجب إذن الخلط  بين المجتمعات الأموية والاميسية، التي كانت موجودة وكان ينتقل فيها نسب الأبوة عن طريق الأم.

الجنس

هناك اختلاف بيولوجي في الجنس: الجنس الأنثوي والجنس الذكري. تحدد الكروموسومات والجينات الجنسين. يمكن أن تحدث تركيبات مغايرة بين الكروموسومات؛ بأرقام معبرة ( ولادة من كل 500). يمثل هؤلاء الأشخاص العابرون جنسيا 2 في الألف من السكان اذن. نعتقد أنه يجب ادماج وتقدير هذا الاختلاف الطبيعي.

لاستحضار هذا الاختلاف، فإن كلمة “Queer”، في الأساس ، كلمة إنجليزية تعني “غريب”، “غير شائع”، وغالبًا ما تستخدم كإهانة للأفراد المثليين والمثليات والمتحولين جنسياً … عن طريق السخرية والاستفزاز، تم استعادتها و رفعها نشطاء ومثقفون من المثليين والمتحولين جنسياً وثنائيي الجنس والـ BDSM والمخنثين والمتحولين جنسياً منذ الثمانينيات، وفقاً لظاهرة الاستيلاء على وصمة العار كما وقع عندما تم احداث كلمة الزنوج.

في فرنسا، إذا كان مصطلح “Queer” منتشرا بفعل المسلسلات التلفزيونية التي تقدم المثليين كأشخاص عصريين، يصلح في الحقيقة قبل كل شيء كنقطة حشد لأولئك الذين – بما في ذلك من جنسين مختلفين – لا يتعرفون على أنفسهم في الاختلاف الجنسي للمجتمع، والسعي إلى إعادة تعريف قضايا النوع الاجتماعي (دراسات النوع الاجتماعي). منذ 2000، كانت الكلمات allosexual و altersexual موضوع محاولات للترجمة إلى الفرنسية.

في نفس السياق، فكلمة ’’ LBGT’’ هي اختصار لعبارة ” « Lesbian, Gay, Bisexual and Transgendered people »   و تعني بالفرنسية “Lesbiennes, gays, bisexuels et transsexuels ». تسمح بمصطلح أكثر شمولاً من المثليين، للدلالة على مجموعة كبيرة من المؤسسات والمنظمات والأفراد المتنوعين للغاية، و توظف في نفس الاتجاه.

النوع

هي بناء اجتماعي وثقافي قائم على الجنس، أي سلسلة من السلوكيات والتعليمات والرمزيات والتقاليد التي تهيكل وتبني الفتاة كفتاة والولد كولد. مثال معروف جدا: اختيار اللعب، العرائس والأواني للفتيات، والسيارات والقطارات الكهربائية للأولاد. لذلك سنحصل إذا على النوع مؤنث والنوع مذكر.

يعتمد هذا البناء على الجنس البيولوجي الأولي: يمكن أن يؤدي ذلك إلى تمزق عميق للشخصية إذا كان المرء “صبي” الشخص الذي يشعر نفسيا بأنه “فتاة” والعكس صحيح.

إن فكرة البناء الاجتماعي هذه لا تبلور الأشخاص بحد ذاتها فحسب، بل تحفز أيضًا، في نوع معين من المجتمعات، العلاقات بين النساء والرجال (العلاقات الاجتماعية بين الجنسين).

الشيء المهم في هذه الفكرة هو أن ما تم بناؤه انسانيا يمكن أن يتم التراجع عنه، حتى لو كانت أعمال البناء ترجع إلى عدة قرون. ما من حتمية، أو قانون عالمي، أو حتمية بيولوجية، أو رسالة إلهية ، إلخ… تقرر بشكل نهائي مكانة المرأة بالنسبة إلى مكانة الرجل. نحن سادة مستقبلنا، نساءً ورجالًا. لكن هناك من هم “سادة” أكثر من غيرهم …

 تحليل النوع، هو…

هو تحليل وضعية معينة مع الاحتفاظ في الوعي بالإعداد، و بنية التقسيم الجنسي للأدوار، أن الأفراد يتصرفون بطريقة مختلفة حسب هذا الإعداد. مثال لحالة معينة: على المستوى العالمي، قليل من النساء حاضرات في مناصب السلطة السياسية. تحليل هذه الوضعية حسب النوع، سيتطلب الأخذ بعين الاعتبار اختلاف جودة التربية، اختلاف درجة التربية، المحيط الرمزي والمعاش الذي يجعل من الذكور سباقين للهيمنة في مراكز السلطة. في نفس المثال، تحليل النوع ينتج بالموازاة، في نفس الظروف السابقة، أن النساء هن كذلك قادرات على الانخراط في المؤسسات السياسية كما الرجال، لكن تنشئتهن تمنعهن من اقتحام هذه الوظائف أكثر من الرجال.

ما لا يثيره تحليل النوع الاجتماعي هو أن الرجال دائمًا سباقون لأن، في النظام الأبوي، أولئك الذين يمتلكون حاليًا مقاليد السلطة – بالمعنى التقريبي، الرجال – لا يرغبون في التخلي عنها: العديد من المزايا من جميع الأنواع المرتبطة بهذه السيادة، دعونا نتذكر، تعسفية تمامًا.

مشتقات مفهوم النوع

نشأ هذا المفهوم سنة 1950 وبدأ استعماله في الستينات من طرف النسويين/ات الانجلوساكسون لإدانة صفة – اجتماعيا وثقافيا- اللامساواة في علاقات المرأة والرجل. كلمة “ادانة” مهمة جدا لأن هؤلاء النسويون/ات أرادوا/ن التحرك (البناء بشكل مختلف) لأجل حلحلة لامساواة هذه العلاقات. إذن، بداية، مفهوم النوع ارتكز على تحليل علاقات هيمنة الرجال على النساء : الأبوية، نظام اضطهاد النساء من قبل الرجال، له تاريخ ماض متزامن تقريبا مع نفس الفترة (السبعينات).

بشكل سريع، انتشر المفهوم عالميا، واكتسب العديد من التعبيرات في أوساط المفكرين،”مساواة النوع” أصبحت الحل الناجع بالنسبة للحركات النسوية شيئا فشيئا حيث بدأ بعضها (غالبية الحركات) في التشكل.

هذا الاتفاق الكبير حول انتزاع المساواة لا يظهر مع ذلك في الواقع الاجتماعي، هو اتفاق واجهة : اللاعدالة بين النساء والرجال، الفوارق أيضا، الاستغلال، الاضطهاد، العنف مستمرة في تشكيل اليومي لدى النساء.

في الوقت نفسه، أصبح المفهوم غامضًا بشكل متزايد. من خلال الحديث عن “العلاقات بين الجنسين”، ينتهي بنا الأمر تدريجياً إلى محو أنها مسألة علاقات هيمنة. يصبح “الجنس” لطيفًا. هذا هو السبب في أن CADTM تفضل الاحتفاظ بعبارة “العلاقات الأبوية”، “النظام الأبوي” بين النساء والرجال، مما يؤكد بشكل أفضل على هذا التسلسل الهرمي للسيطرة / الهيمنة. نفضل كذلك عبارة “العلاقات الاجتماعية بين الجنسين” من بين المفردات، خاصة وأن العلاقات بين الجنسين تختلف كثيرًا في الزمان والمكان: بمعنى آخر، لا توجد  علاقة اجتماعية بين الجنسين”نوع”(على سبيل المثال Eurocentric) تسري على كل البشر.

النسوية

حدثت العديد من الموجات والحركات النسوية عبر التاريخ، خاصة في نهاية القرن 19، بل قبل ذلك بكثير، فقد طبعت أشكال نسوية كل تاريخ الانسانية( أوليمپ دو گوج** بالخصوص في نهاية القرن 18 : “إذا كان للمرأة الحق في الصعود على السقالة، فيجب أن يكون لها أيضا الحق في الصعود على المنصة.”

النسوية تقدمية، “ثورية” في الاتجاه الذي تطالب فيه بالتغيير الجذري للمجتمع الذي يحتم احترام حقوق كل النساء في العالم. استعمال عبارات “تساوي الحقوق” أو “تساوي الفرص” مقارنة مع الرجال ليست دالة جدا. من جهة، لأن الرجال يعانون أيضا من عدم الاستفادة من حقوقهم التي يجب أن يحصلوا عليها، ومن جهة أخرى، لأن للنساء حقوقا خاصة يجب المطالبة و النضال من أجلها. سنكتفي بالقول إن الحركة النسوية تناضل من أجل توفير جميع الشروط التي تسمح بالتطور الكامل للمرأة وتحررها من كل أنواع القهر.

و مع ذلك…

منذ الثمانينات، الكثير من النساء، النساء الشابات، لا يعتبرن أنفسهن نسويات بتاتا. أولا، لأنهن يعتبرن أن هذه المعركة تم تجاوزها (فتنة إذن). مستفيدات من مكتسبات اللواتي سبقنهن، لا يعين مدى هشاشة هذه المكتسبات نظرا لعدم فهم أن النظام الأبوي الذي اعترف لهن بها لا يؤثر على توافق تام للعقليات على هذا الموضوع. ثم، إن للكلمة وقع سلبي: يتم اعتبار النسويات معاديات للرجال، محبطات. قليل من يمثلهن، مثل الشيوعيين، غالبا لإثارة الرعب، متأهبين، لأنهم منخرطون في الصراع الطبقي.

لكن النسويون/ات اعتادوا/ن في زمن المد النسوي فيما مضى، أن يظهروا/ن على صورة سيئة. كون الرجال متخوفون من أن يروا امتيازاتهم ووضعيتهم المهيمنة تنهار و كون النساء اللواتي يستنبطن التصورات الأبوية لا يفهمن ضرورة هذا النضال. ماكان مختلفا، أن الفترة كلها، الستينات والسبعينات، اهتزت بنضالات متباينة، ما راكم درجات وعي بنسب مختلفة ومكن النسوية من ربح بعض النقاط.
تفضل إذن الشبكة الدولية من أجل الغاء الديون غير الشرعية استخدام كلمة نسوية للتحدث عن نضالات النساء، لأن المفهوم بحد ذاته يحمل تاريخا من النضالات وهو أوضح من النوع الذي يعني تراتبية القيم المطبقة في المجتمع الحالي بين الرجال والنساء.

هذا يقودنا إلى تسجيل انقسام كبير في حركة النساء ( ربما تكون الكلمة أقوى عند مستوى التواصل بين مجموعة التيارات الفكرية وحركات النساء لكنها حقيقية عند مستوى الاهداف و الاستراتيجية). تطالب بعض منظمات بالنسوية و أجرأة استراتيجيات لهدم الأدوار المقررة للنساء والرجال. إنها مرتبطة، كما سبق ذكره أعلاه، بتغيير ثوري للمجتمع. تكتفي منظمات أخرى للنساء، في السياق الحالي للمجتمع، بتحقيق أكبر عدد ممكن من المكتسبات التي يمنحها إياهن المجتمع، و الذي مازال محكوما أساسا من طرف الرجال. دون مسائلة جذرية للنموذج الأبوي والنظام الرأسمالي.

بالنسبة للشبكة الدولية من أجل إلغاء الديون غير الشرعية، المعارك الجزئية مهمة جدا، وهي بالتأكيد مرتبطة بمنظمات نسائية في هذا المجال، لكنها ليست كافية للوصول الى الهدف الرئيسي: نهاية الاضطهاد الأبوي. من أجل ذلك يجب خلق مستوى عال من الوعي يفضي إلى ارادة في التحرك نحو العمق. ليس سهلا. خصوصا و أن الطرف الاخر، الأبوية، يحضر للهجوم المضاد.

الذكورية

الحركة التي تحمل هذا الاسم حديثة نسبيًا. على عكس النسوية، فهي حركة رجعية، و تحمل “خطابًا انتقاميًا” حول الانتصارات النسوية القليلة وتميل إلى أن يجري الاعتقاد بأن المجتمع بأكمله في طريقه إلى أن يصبح أميسياً (دعونا نتذكر في هذا الموضوع أن النظام الأميسي، الذي سيكون نظيرًا للنظام الأبوي، وبالتالي يجري تعريفه على أنه تمسك المرأة بالسلطة باستبعاد الرجال، هو أسطورة، فالنظام الأميسي لا علاقة له بالمجتمعات الأميسية الموجودة أو التي كانت موجودة.).

يوضح هذا حجم رد فعل النظام الأبوي عندما يشعر بالتهديد. ومع ذلك، في هذه الحالة، من المبالغة حقًا التأكيد على خطر الانقلاب الكلي لسيطرة الرجل على النساء فقط لأن المرأة أصبحت أكثر ظهورا و تراكم امتيازات في المجال العام، لأن نسبة معينة (و التي لا تزال منخفظة) من النساء تصل إلى مناصب قيادية في المجال الاقتصادي و / أو السياسي. من هذا المنطلق، يشعر الرجال “بالضيق” العام، ويشككون في رجولتهم، وأبوتهم، ودورهم في المجتمع، وما إلى ذلك.

ومن ثم، فإن المؤسسات التي أنشأت لمراقبة احترام حقوق المرأة على وجه الخصوص (في بلجيكا، مركز المساواة بيت الجنسين، على سبيل المثال، الذي دعم مؤتمرا للذكوريين) تعتمد بتقدير تام على أقلية من الرجال الذين قد يفقدون هويتهم. في حين أنه من الواضح، لتحقيق المساواة، يجب على الرجال أن يعترفوا تماما بأنهم حصلوا على امتيازات لآلاف السنين، ولا يزالون، و أن يضعوا  أنفسهم موضع تساؤل أساسي.

تقول هيلين بالما:

“الذكورية اليوم في الغرب شيء غير متوقع و ضخم، إيديولوجية زاحفة، حالة ذهنية فيما يتعلق بالرجال والنساء، تميل إلى التأكيد على أن الأول ضحية تجاوز الثاني. لقد بالغت النساء. كن سيحصلن على “الكثير” من الحقوق والحريات. في العقود الأخيرة، اتخذت شكل حركة راديكالية للغاية هدفها غير المعترف به ولكن الواضح هو إعاقة حرية المرأة التي لا يعتبرها الفاعلون في هذه الحركة متساوية معهم. تشكو مجموعات من الرجال (غالبًا ما تؤكد على حماية دورهم كآباء) عدم الاستقرار المزعوم لحالتهم. في الواقع، تدعي المجموعة الأكثر امتيازًا في مجتمعنا الأبوي أنها تعرضت لظلم خطير و تعبر في هذا الصدد منذ حوالي 40 عامًا. غالبًا ما يندد هؤلاء الرجال بالنسوية باعتبارها السبب الرئيسي عن تعاستهم و يرفعون علانية مطلب التراجع عن ما حققته الحركة النسوية . “

 

التمييز على أساس الجنس

يطلق على كل سلوك يتم من خلاله تحدي من يوجه إليه الخطاب على أساس دقيق لجنسه البيولوجي وكل ما يرتبط به ثقافيًا واجتماعيًا (مثال: تحرش الرجل بالمرأة باستعمال اشارات، صفير…). تهدف النسوية إلى إنهاء التمييز على أساس الجنس من خلال وضع حد لمفهوم الجنسين.

التقسيم الجنسي للعمل

في نظام أبوي ورأسمالي كهذا، على نطاق دولي، تبين الإحصائيات أنه إن أخذنا بالحسبان العمل المهني للنساء بالإضافة الى العمل المنزلي، فإن النساء ينتجن عملا فائضا مقارنة بالرجال. عدم المشاركة و التعاون في المهام والمسؤوليات العائلية هي الواجهة المرئية (بفضل النسوية) لنظام اجتماعي قائم على تقسيم اجتماعي وجنسي للعمل، يعني تقسيم للمهام بين الرجال والنساء، و الذي بموجبه يتمركز دور النساء أساسا في المحيط المنزلي الخاص و دور الرجال على النشاط الإنتاجي والعمومي.

يؤسس هذا التقسيم البعيد عن التكامل لتراتبية بين أنشطة الذكور (ذات القيمة) و أنشطة الاناث (المبخسة). في الواقع لم يناسب هذا التقسيم أبدا المساواة. لقد راكمت الغالبية العظمى من النساء لنشاط منتج (بالمعنى الواسع للكلمة) و رعاية الاسرة.

علاوة على ذلك، خارج النطاق الخاص، فإن المهام التي يتوجب أن تؤديها النساء ” بشكل طبيعي” في المجتمع هي المهام التي تتوافق بشكل وثيق مع المهام المنزلية (التنظيف، الرعاية، وما إلى ذلك. ما نسميه حاليا قطاع الرعاية). مهام يجري تبخيس قيمتها لأن النساء يقمن بها وبالتالي أجرها زهيد: نلاحظ أيضا كلما كان هناك نساء يشغلن نوعا ما من المهام، كلما انخفض أجر هذه المهنة: وظائف ذات قيمة منذ قرون، كالأطباء والأساتذة، أصبحت الآن شيئا فشيئا منخفضة الأجر.

أما سؤال: ايهما اصل الآخر، التأنيث أم التبخيس؟ أعتقد أنه ليس بالسؤال الصحيح. بعد كل هذا، يمكن أن يحدث التأنيث بالتزامن مع تخفيض قيمة وظيفة التدريس، دون أن تكون هي مسببا أو سببا، أو نتيجة. تطوران مختلفان لكن متزامنان في المحصلة.

يأخذ هذا التقسيم الجنسي للعمل بعدا آخر إذا كنا نقصد علاقات العمل على الصعيد العالمي. قامت الشركات -العابرة للقارات بالأساس لكن ليست وحدها- في بحثها عن الربح الأقصى، بإلغاء تمركز انتاج السلع والخدمات. أولا، طبعا، يتعلق الامر بلا تركيز بالمعنى الدقيق للكلمة، ينبني على البحث عن البلد أو الجهة التي توفر كل الظروف لتحقيق أقصى ربح (في الشمال الصناعي عامة نحو بلدان الشرق والجنوب، أو نحو المناطق الحرة في أي مكان في العالم).

حدث لا تركيز ثان (بالمعني المجازي) عندما سرح أرباب العمل الرجال لتشغيل النساء بأجور أقل.

لكننا نستطيع اعتبار أن هناك إلغاء تمركز ثالث داخل العمل المأجور الأنثوي. أرباب العمل الذين اعتادوا توظيف نساء من الشمال الصناعي (كذلك أقل أجرا مقارنة بالرجال)، يميلون الآن إلى اسناد هذا العمل لنساء بلدان (أساسا بلدان العالم الثالث) حيث امتيازات العمل وتدابير الحماية الاجتماعية أكثر هشاشة. فيلم ماري فرانس كولاغ “عاملات العالم” يشرح جيدا هذه الحالة اعتمادا على مثال عاملات الجينزلوفيس” بفرنسا وبلجيكا والفلبين وإندونيسيا وتركيا.

تتحمل استغلالا مكثفا لكونها امرأة اولا، ثم مضاعفا عندما تكون منحدرة من بلدان الجنوب. ليس من الضروري العيش في الجنوب للتعرض لهذا الاستغلال: النساء المهاجرات “المستقرات” في دول الشمال يخضعن كذلك لهذا الاستغلال المتزايد.

بقلم: دينيز كومان*

ترجمة أطاك المغرب

*دينيز كومان (1949_2010) وضعت اخر لمساتها على هذا النص يوم 27 ماي 2010 أي ليلة وفاتها إثر سكتة قلبية حيث غادرت لتوها مؤتمرا لإحياء ذكرى استقلال الكونغو. كانت دينيز تنوي تطوير هذا النص في إطار العمل المشترك مع اللجنة الدولية لإلغاء الديون غير الشرعية من أجل تقوية انخراطها النسوي

* *أوليمب دو غوج ‏ هي كاتبة مسرحية فرنسية وناشطة سياسية وتعرف ب ماري غوزي لاقت كتابتها الخاصة بحق المراة شهرة واسعة. بدأت حياتها المهنية في بدايات 1780، ومع ارتفاع حدة التوتر السياسي في فرنسا، أصبحت داعية لتحسين حالة العبيد في المستعمرات الفرنسية في العام 1788. المصدر ويكيبيديا

 الرابط الأصلي للمقال .