الجزء 3 :من السلع المشتركة والديون وبراءات اختراع الشركات

مولت السلطات العمومية البحث و انتاج اللقاحات بالكامل تقريبا

تم تمويل تطوير وإنتاج اللقاحات المضادة لـ Covid بشكل واسع من قبل السلطات العمومية. بالنسبة للقاح أسترازينيكا، الشركة الأنجلو سويدية، فقد صمم من قبل باحثين من جامعة أكسفورد طالبوا الشركة بتسويقه بسعر تكلفة الانتاج. يبقى أن نتأكد ما إذا كانت AstraZenecaقد عملت بالفعل بهذا الالتزام. يصعب علينا ذلك، كون إدارة أسترازينيكا ترفض نشر محتوى العقود التي أبرمتها مع مشتري اللقاح وبيانات حول تكاليف إنتاجه. ما هو مؤكد، أن مدير AstraZeneca، الفرنسي باسكال سوريوت، حصل على زيادة كبيرة في الأجر خلال العام 2021، تبلغ 17.9 مليون يورو.

إن اللقاحات ب ANRmلفايزر- بيونتك و لموديرنا و التي تم تسويقها في أقل من سنة، تعتمد جزئيا على براءات اختراع سابقة. والجدير بالذكر أن التكنولوجيا التي صممتها جامعة بنسلفانيا لصنع ANR مرسال آمن للكائن الحي، قد حصلت على براءة اختراع في العام 2005.

إن التقنية المبتكرة لتثبيت بروتين سبايك هي أيضًا نتيجة للأبحاث العمومية. في الواقع، فبراءة الاختراع الخاصة التي تقدمت بها حكومة الولايات المتحدة – رقم براءة الاختراع 10.960.070، والمعروفة باسم براءة الاختراع “070” – تتعلق بكيفية استقرار بروتين سبايك في اللقاح، وهي تقنية تم تطويرها في مركز البحث حول اللقاحات التابع للمؤسسات الوطنية للصحة (NIH) كوكالة حكومية أمريكية. يتعلق الأمر بمكون رئيسي للقاح بـ ARNm الذي تم تطويره بتعاون مع Moderna و المؤسسات الوطنية للصحة (NIH) في عام 2020.

من أجل استخدام براءة الاختراع 070، تدفع العديد من الشركات رسوما للحكومة الأمريكية، بما في ذلك الشركة الألمانية BioNTech، التي طورت لقاحا ضدCovid-19ب تعاون مع Pfizer. في المقابل، لم تدفع شركة موديرنا أي فلس لخزينة الولايات المتحدة.

وفقًا لكريستوفر مورتن، نائب مدير قانون التكنولوجيا ومعهد السياسات في جامعة نيويورك: “فمقابل كل جرعة من اللقاح المصنعة أو المسوقة، فإن موديرنا تنتهك براءة اختراع المؤسسات الوطنية للصحة.” وأضاف في تصريح لصحيفة فاينانشيال تايمز، في أبريل في العام 2021، أنه “إذا قررت الحكومة الأمريكية مقاضاة شركة موديرنا، فإن هذه الأخيرة قد يتوجب عليها أداء أكثر من مليار دولار عن مبيعاتها حتى نهاية هذا العام فقط.”

في مناسبات أخرى، فرضت حكومة الولايات المتحدة براءات الاختراع الخاصة بها في المحكمة. نتيجة احتجاجات على السعر التعسفي الذي فرضته الشركة الأمريكية الخاصة  Gilead Sciences على عقارها، للوقاية من الإيدز،Truvada،وتابعت وزارة الصحة الشركة قضائيا في العام 2019، بدعوى انتهاكها لبراءة اختراع حكومية. خلال الإجراءات القانونية، يمكن أن تُكلف Truvada ما يقارب 20000 دولار سنويًا في الولايات المتحدة، ولكنها بيعت كجنيس في مكان آخر مقابل 6 دولارات شهريًا فقط. التقاضي لا يزال مستمرا حتى اليوم. هنا أفتح قوسًا للإشارة إلى أن شركة Gilead Science باعت في الربع الثاني من العام 2021 عَقَارها المضاد للفيروسات Remdesivir مقابل 829 مليون دولار، المستعمل لمعالجة المصابين بـ Covid-19 المحتفظ بهم في المستشفيات. تتوقع شركة Gilead Science أن تبلغ مبيعات Veklury، الإسم التجاري لشركة Remdesivir، إلى ما بين 2.7 مليار دولار و3.1 مليار دولار أمريكي لإجمالي العام 2021. وتجذر الإشارة إلى أنه قبل أن تنتهي منظمة الصحة العالمية بعدم النصح باستعماله في نونبر في العام 2020، فإن السلطة العليا للصحة في فرنسا، خلصت في شتنبر من نفس السنة، إلى أن فعالية Remdesivir كانت “ضعيفة”. هذا مجرد مثال آخر على شركة خاصة تجني الكثير من المال باستخدام عقار مشكوك في فعاليته.

مولت الحكومات الغربية بشكل واسع شركات الدواء الكبرى الخاصة

خلال فترة ولاية دونالد ترامب، مولت الولايات المتحدة الأمريكية مسبقًا الأبحاث والتجارب السريرية والإنتاج بما يصل إلى 11 مليار دولار. بالتفصيل، تلقت شركة Johnson & Johnson من الولايات المتحدة اعتبارًا من مارس في العام 2020 أكثر من 450 مليون دولار، ثم مليار دولار، مقابل 100 مليون جرعة لقاح. منذ بداية الأزمة الصحية، تلقت شركتا Pfizer و BioNtech من الولايات المتحدة الأمريكية، ما يقارب 2 مليار دولار مقابل 100 مليون جرعة. الجزء الكبير من الغنيمة حصلت عليه شركة Moderna بمبلغ 2.5 مليار دولار لتمويل التجارب السريرية وإنتاج 100 مليون جرعة. كما منحت الولايات المتحدة فيما بعد 1.6 مليار دولار للتكنولوجيا الحيوية Novavax مقابل 100 مليون جرعة. وتلقت AstraZeneca مقابل 300 مليون جرعة محفوظة 1.3 مليار دولار. اعتبارًا من يناير  في العام 2021، واصلت إدارة بايدن التمويل الضخم لشركات الدواء العملاقة من خلال عمليات شراء جديدة.

على الجانب الأوروبي، في نونبر من العام 2020، عُلم أن المفوضية الأوروبية قد وقعت عقودا مع ست مختبرات: Moderna (بطلبية 160 مليون جرعة)، AstraZeneca و Johnson & Johnson (400 مليون جرعة لكل منهما)، Sanofi-GSK (300 مليون جرعة) Pfizer-BioNtech (300 مليون جرعة) و CureVac (405 مليون جرعة). في العام 2020، كان هذا يمثل 2 مليار يورو، ولكن منذ ذلك الحين زادت المبالغ المدفوعة للشركات الخاصة بشكل حاد. هذا ما رأيناه في الجزء 2. دعونا نضيف كمثال على ذلك، أن طلبات المفوضية الأوروبية إلى شركة موديرنا قد زادت من 160 مليون إلى 460 مليون جرعة في ربيع العام 2021.

فضيحة موديرنا بطل التهرب الضريبي

تأسست شركة موديرنا في عام 2010. كانت مبيعاتها إلى حين انتشار جائحة فيروس كورونا، منخفضة وكانت تتكبد الخسائر. تم تطوير لقاح فيروس كورونا، الذي أطلق عليه إسم “لقاح الشعب” من قبل جمعية المستهلكين، Public Citizen، بأموال عمومية، وبشكل أساسي من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية. حسبPublic Citizen، تم أداء تكاليف تطوير اللقاح من قبل دافعي الضرائب بالكامل. في الواقع، لنتذكر أن موديرنا استخدمت نتائج البحث الذي أجرته جامعة بنسلفانيا علىARNm . بالإضافة إلى ذلك، تم تطوير براءة اختراع ضرورية لتصنيع اللقاح من قبل علماء في المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة (NIH) و ترجع ملكيتها الى حكومة الولايات المتحدة. تم تطوير لقاح ARNm نفسه بشكل مشترك من قبل Moderna والمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة، وبالتالي، فإن براءة اختراع لقاح Covid-19 تحتفظ بها Moderna وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية.

يوضح الباحث فينسينت كيزبرينك من منظمة سومو الهولندية غير الحكومية في تقرير ممتاز عن موديرنا، أنه “وفقًا لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، تلقت شركة موديرنا، في ديسمبر 2020، 4.1 مليار دولار للتطوير والتجارب السريرية وتصنيع اللقاحات، تم منح حوالي مليار دولار منها من قبل هيئة البحث والتطوير الطبي الحيوي المتقدم (BARDA)، وهي وكالة تابعة لوزارة الصحة والخدمات الاجتماعية الأمريكية. يقال إن العقد المبرم مع BARDA يحتوي على بند يلزم شركة Moderna بنشر الجزء من استثمارها الممول من قبل الحكومة الأمريكية، وهو الأمر الذي لم تقم به الشركة حتى الآن.”

دائما حسب فنسنت كيزبرينك، فإنCEPI (تحالف ابتكارات التأهب للأوبئة) الذي يشارك في مبادرة COVAX التي ناقشناها في الجزء الثاني، منحت الشركة أيضًا 900000 دولار في يناير 2020 لتطوير لقاح ARNm. وافقت موديرنا على “مبادئ الولوج العادل” التي وضعها CEPI، والتي تنص على وجوب توزيع اللقاحات حسب الحاجة وبأسعار معقولة للسكان المعرضين للخطر، لا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. على الرغم من قبولها للمنحة مع هذه الشروط، إلا أن موديرنا باعت لقاحها حتى الآن بشكل رئيسي إلى الدول الغنية.

أسعار موديرنا الباهظة

المنتوج التجاري الوحيد لموديرنا هو لقاح فيروس كورونا، المعروف باسم mRNA-1273. بشكل عام، تقدر شركة Moderna أن مبيعات العام 2021 ستكون حوالي 18.4 مليار دولار. وقد وقعت بالفعل عقودا تغطي إجمالي مبيعات بحوالي 1.15 مليار جرعة خلال الفترة 2021-2022. ما يقارب 84٪ من المبيعات موجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، اللذين طلبا 500 مليون و 460 مليون جرعة من اللقاح، على التوالي.

ستُفوِت الشركة مبيعاتها إلى حكومة الولايات المتحدة ب15 دولارًا (12.90 يورو) لكل جرعة. و يُظهر عقد بين موديرنا والاتحاد الأوروبي، المعروف باسم “اتفاقية الشراء المسبق”، والذي تسرب الى الصحافة خلال شتاء 2020-2021، أن المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد اتفقوا على سعر إجمالي قدره 22.50 دولارًا ( € 19.50) لكل جرعة. ثم أعلنت شركة موديرنا خلال صيف عام 2021 عن زيادة سعر البيع إلى الاتحاد الأوروبي ليصل إلى 21.50 يورو.

تتوقع شركة موديرنا أن تبلغ تكلفة الإنتاج حوالي 20٪ من مبيعاتها لعام 2021. إذا قسمنا أرباح موديرنا المتوقعة على إيراداتها للعام 2021، فهذا يعني أنه مقابل كل يورو ينفقه دافع الضرائب لشراء لقاح موديرنا، ستحقق الشركة صافي ربح قدره 0.44 يورو (44 سنتا). نتيجة لذلك، ستشكل الأرباح ما يقرب من نصف حجم مبيعات الشركة، وهو هامش مرتفع بشكل استثنائي.

يمكن القول أن جائحة كوفيد بالنسبة لموديرنا، كما هو الحال بالنسبة لشركات الأدوية الكبرى الأخرى، هو هبة من السماء. ارتفع سعر سهم Moderna بمقدار 20 ضعفا بين دجنبر من العام  2019 وشتنبر  من العام 2021. خلالف ترة قصيرة بين شتنبر 2020 وشتنبر 2021، زاد سهم Moderna في بورصة ناسداك في نيويورك بنسبة 500٪ بينما ارتفع مؤشر ناسداك بشكل عام ب 31 ٪ خلال نفس الفترة.

تعلن موديرنا عن دخلها في الملاذات الضريبية لدفع أقل قدر ممكن من الضرائب

موديرنا وولاية ديلاوير في الولايات المتحدة

يعتبر مالكو شركة موديرنا خبراء في التهرب الضريبي. أسسوا الشركة الأم في ولاية ديلاوير، حيث لا تقوم الشركة بأي إنتاج أو بحث طبي. ديلاوير هي ملاذ ضريبي سيء السمعة، ومعروف في جميع أنحاء العالم بمستويات الضرائب المنخفضة للغاية التي تقدمها للشركات. في حين أن عدد سكان الولاية لا يصل إلى مليون شخص (973000 شخص في 2019)، تم تأسيس حوالي 1.5 مليون شركة هناك. كما رأينا في الجزء الثاني، لنتذكر أن مداخيل الصناعة الصيدلانية في جزء كبير منها يتأتى من رسوم الولوج لبراءات الاختراع التي تمتلكها. ومع ذلك، لا تفرض ولاية ديلاوير أي ضريبة على الدخل الناتج عن براءات الاختراع. لدى موديرنا 780 براءة اختراع في ولاية ديلاوير. من بينها 595 براءة اختراع تهم تقنية ANRm التي هي أساس لقاح موديرنا ضد فيروس كورونا. تسمح سلطات ولاية ديلاوير للشركات الموجودة على أراضيها بالحفاظ على السرية بشأن الدخل الذي تكسبه من براءات الاختراع لأنها لا تحتاج إلى إبلاغ سلطات الضرائب المحلية عنها. هذا يجعل من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، تحديد حجم الرسوم من جميع أنحاء العالم التي ستجمعها موديرنا في ولاية ديلاوير.

موديرنا وكانتون بازل في سويسرا

ستدفع دول الاتحاد الأوروبي أكثر من 10 مليارات يورو لشركة موديرنا لشراء 460 مليون جرعة من لقاحها المضاد للفيروس. سيليها المزيد من الطلبات والمدفوعات. حتى لا تدفع موديرنا ضرائب، في دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، على الدخل من مبيعاتها في أراضي الاتحاد الأوروبي، أنشأت في يوليوز من العام 2020 شركة في سويسرا في كانتون بازل، وتسمى Moderna Switzerland GmbH. هذا ما كشفه فينسينت كيزبرينك من منظمة سومو غير الحكومية في الدراسة المذكورة أعلاه. معدل الضريبة الرسمي في كانتون بازل هو 13٪ ولكن المعدل الذي تم تحصيله في الواقع أقل من 8٪ ومن المحتمل أن تكون موديرنا قد تفاوضت مع سلطات الكانتون على حكم ضريبي (اتفاقية ضريبية) و الذي سيسمح لها بدفع معدل منخفض. شجبت النائبة السويسرية ستيفاني بريزيوسو مناورة موديرنا وتواطؤ السلطات السويسرية في 21 شتنبر من العام 2021 في المجلس الاتحادي لجمهورية هيلفتيك. أعلنت StéphaniePrezioso في مرافعتها: “في اتفاقها مع المفوضية الأوروبية، فرضت شركة Moderna باستلام الأموال المخصصة للتسديد مقابل لقاحاتها المُرسلة إلى الاتحاد الأوروبي في سويسرا، في كانتون بازل، حيث شركة Moderna Switzerland GmbH ( تأسست في يونيو من العام 2020، عندما تم تطوير اللقاح بالفعل!) ستستفيد من آثار RFFA (= الإصلاح الضريبي للشركات) لدفع ضرائب سخيفة. تضع النائبة السؤال التالي على وجه الخصوص: “يشبه الاتفاق الذي توصلت إليه موديرنا مع المفوضية الأوروبية التهرب الضريبي بمليارات الدولارات لجيراننا الأوروبيين. ألا يعتبر المجلس الاتحادي أن هذا يتعارض مع الهدف الذي حدده لنفسه، بكلماتها الخاصة (…)، وهو الإلتزام “بالوصول العالمي العادل وبأسعار معقولة وسريعة إلى اللقاحات والأدوية ووسائل التشخيص ضد Covid-19″ . ” وقد أاثيرت هذه القضية في صحافة جنيف. من جانبه، ندد ميغيل أوربان، عضو البرلمان الأوروبي عن Anticapitalistas، بالفضيحة في أعمدة الإعلام البديل إل سالتو الإسباني. يؤكد ميغيل أوربان في أعمدة هذه الوسائط، أن “السبب الوحيد لتوجيه المدفوعات إلى سويسرا هو وضعها القانوني الغامض، كملاذ ضريبي”. ووجه عضو البرلمان الأوروبي الإسباني عدة أسئلة إلى المفوضية الأوروبية (EC) حول ما إذا كانت المفوضية الأوروبية نفسها تُروج لنظام الهندسة الضريبية للتهرب من السلطات الضريبية لمختلف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وما إذا كانت تخطط لإجراء تحقيق أو للتشاور مع السلطات السويسرية لمعرفة ما إذا كانت شركة Moderna تستخدم سويسرا لتجنب الضرائب على بيع اللقاحات في أوروبا.

تواطؤ المفوضية الأوروبية مع شركات صناعة الدواء، مثال الاتفاق الموقع في ديسمبر 2020 مع شركة موديرنا

تم الكشف جزئيًا عن السرية التي تلف المفاوضات بين المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء فيها مع شركات الدواء بعد نشر عقد مهم جدًا تم توقيعه بين المفوضية و Moderna Switzerland GmbH، وقد تم إنشاء هذه الشركة من الصفر لتجنب دفع الضرائب على أراضي الاتحاد الأوروبي، كما رأينا للتو. يمكن تحميل العقد من موقع الإذاعة والتلفزيون الإيطالي RAI. يتضمن العقد أن اللجنة ستدفع مسبقًا مبلغ 4.50 دولارًا أمريكيًا للجرعة، مما يعني أن المفوضية قد دفعت مسبقًا تكلفة إنتاج كل جرعة. بالإضافة إلى ذلك، يعلن أنه إذا اظهر اللقاح المتوافق عليه آثارًا جانبية خطيرة (بما في ذلك التسبب في وفاة الأشخاص الذين تم تطعيمهم)، فلن تحمل اللجنة أو الدول الأعضاء المسؤولية لشركة موديرنا. على العكس من ذلك، تتعهد الدول الأعضاء بموجب هذا العقد بتعويض شركة مودرنا في حالة إدانتها بالضرر الذي قد يسببه لقاحها. هذه هي النقطة K الصفحة 3 من العقد الذي يقع في 69 صفحة. ينص العقد أيضًا على أن موديرنا تمتلك براءات اختراع اللقاح التي يمكنها أن تفعل بها ما تشاء.

نحن محظوظون لتوفرنا على نسخة من هذا العقد. و انطلاقا من شروط هذا الأخير، يمكن للمرء أن يستنتج دون مخافة الوقوع في الخطأ أنه كان على اللجنة توقيع نفس النوع من العقود مع شركات الأدوية الأخرى: Pfizer ، BioNTech، Curevac، AstraZeneca، إلخ. وهذا ما تؤكده مقتطفات من العقود الموقعة مع Curevac و AstraZeneca المسربة إلى الصحافة.

تمارس شركات الأدوية الكبرى نظام الفصل العنصري على مستوى العالم بتواطؤ من الحكومات

تُعطى الأولوية لإمداد الدول الغنية لأنها تمول مسبقا جزءًا من الإنتاج ومستعدة لدفع ثمن مرتفع، الشيء الذي يسمح بربح أكثر. لذلك أعطتها شركات الأدوية الكبرى أولوية مطلقة. فالأرقام التي توضح التوزيع الجغرافي لإمدادات اللقاحات بليغة. بالنسبة لمديرنا، يمثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة 84٪ من إجمالي مبيعاتها. تم تخصيص 98٪ من عمليات تسليم شركة Pfizer / BioNTech و 79٪ من عمليات تسليم شركة Johnson & Johnson للبلدان ذات الدخل المرتفع والمتوسط. قدمت شركتاPfizer و BioNTech حتى الآن إلى السويد وحدها تسعة أضعاف جرعات اللقاح مقارنة بجميع البلدان منخفضة الدخل مجتمعة.

توضح خريطة التطعيم أيضًا أن جزءً من العالم قد تم تهميشه. لنتذكر أنه أثناء كتابة هذا التقرير في أوائل أكتوبر من العام 2021، من بين 5.76 مليار جرعة تم حقنها في العالم، وجهت 0.3 ٪ إلى البلدان منخفضة الدخل حيث يعيش حوالي 700 مليون شخص. تلقى 2.1٪ فقط من سكان 27 دولة منخفضة الدخل جرعة من لقاح COVID بينما تم تطعيم أكثر من 60٪ من سكان أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية.

تمثل الصين وكوبا وضعاً خاصاً لأن سلطات هذين البلدين لجأتا إلى المؤسسات العمومية الوطنية وخدمات الصحة العمومية لإنتاج و تلقيح سكانهما. في حالة الصين بحلول منتصف شتنبر من العام 2021، تم تطعيم 70٪ من السكان بشكل كامل.

تواطؤ الحكام وأذنابهم

يعارض حفنة حكام من الدول الغنية رفع براءات الاختراع التي تحتاجها أكثر من 100 دولة في جنوب الكرة الأرضية. من بين المعارضين سيئي السمعة لرفع براءات الاختراع، نجد المفوضية الأوروبية وسويسرا واليابان. في حالة الولايات المتحدة الأمريكية، عندما أعلن الرئيس جو بايدن في ماي من العام 2021 أنه يؤيد رفع براءات الاختراع، لم يقم حتى الآن بما هو ضروري لإقناع الحكومات التي كانت تعيق ملف منظمة التجارة العالمية. بنفس القدر من الجدية: في حين أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية  التي تمتلك براءة الاختراع 070 للقاح، فإنها لا تتيحه للدول التي ترغب في استخدامه.

يمكن للحكومات أن تنتج بسهولة مليارات الجرعات من اللقاح

وفقًا لجمعية المستهلكين الأمريكية الراديكالية، Public Citizen في واشنطن، بفضل براءة الاختراع 070 المذكورة أعلاه، يمكن للحكومة الأمريكية وتستطيع أن تنتج لقاحات ANRm بمفردها. ويمكنها أيضًا أن تمنح براءة الاختراع مجانًا للدول التي ترغب في إنتاج اللقاح لشعوبها ولشعوب أخرى، في إشارة للتضامن. فيما يلي مقتطف من بيان صحفي لPublic  Citizenالصادر في منتصف نونبر من العام 2020 معلقا على إعلان شركة Moderna عن إنتاج لقاح mRNA-1273: “إنه لقاح الشعب. (…) إنه ليس لقاح موديرنا فقط. ساعد العلماء الفيدراليون في إختراعه ودافعو الضرائب يمولون تطويره. لقد لعبنا جميعًا دورًا. يجب ان يكون مِلكاً للبشرية. تتمتع الإدارة الحالية [أي إدارة ترامب، ملاحظة من إريك توسان] والرئيس المنتخب بايدن بفرصة جعل هذا اللقاح منفعة عامة مجانية ومتاحة والمساهمة في زيادة الإنتاج العالمي، من أجل تجنب التقنين الطبي التي يمكن أن تصبح شكلاً من أشكال الفصل العنصري العالمي من حيث اللقاحات.” في هذه الحالة، لا يتعلق الأمر برفع البراءة أو حذفها، يكفي فقط وضعها رهن إشارة الجميع. و من خلال رفضها القيام بذلك، وبناءً على طلب منظمات مثل Public Citizen، يظهر أن حكومة جو بايدن تريد حماية امتيازات شركات الدواء العملاقة.

حسب دراسة جديدة  جد مقنعة، نُشرت في ماي من العام 2021 من قبل Public Citizen، يمكن للسلطات العمومية، بدءاً من تلك الموجودة في أغنى البلدان، إنتاج مليارات الجرعات من اللقاح بسهولة و بتكلفة أقل بكثير من المبالغ المدفوعة حتى الآن إلى شركات الدواء الخاصة الكبرى. تخلص Public Citizen إلى موقفها بناءً على دراسة أجراها باحثون في إمبريال كوليدج لندن. تظهر الدراسة “أن المجتمع العالمي يمكنه إنشاء مراكز إقليمية قادرة على إنتاج ثمانية مليارات جرعة من لقاح ANRm بحلول ماي من العام 2022. و سيكون ذلك كافياً لتغطية 80٪ من السكان”. ما تكلفة ذلك؟ 9.4 مليار دولار للقاح من نوع Pfizer – BioNtechمن أجل 5 منشآت و17 خط إنتاج و1386 أجيرا. رقم يمكن مقارنته بعشرات وعشرات المليارات التي وزعتها الدول على الصناعة الدوائية، لتلقيح شعوب الدول الغنية فقط .. ولتقديم أرباح للمساهمين.

خارج أمريكا الشمالية وأوروبا ، تم تمويل لقاحات أخرى ضد فيروس كورونا بالكامل من قبل السلطات العامة بشكل مباشر أو غير مباشر ، وهذا هو الحال بالنسبة للقاحات سبوتنيك 5 وسبوتنيك الخفيفة التي تنتجها روسيا. كما هو الحال أيضًا بالنسبة للقاحات الصينية التي تنتجها Sinopharm، BIBP المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية في ماي من العام 2021 و CoronaVac من إنتاج SinovacBiotec Ltd. أخيرًا، هذا هو الحال مع اللقاحين الكوبيينSoberana 2 و Abdala.

بفضل براءات الاختراع ومساعدة الدولة، توفر شركة Big Pharma أرباحا لا شرعية

الأسعار التي تفرضها Big Pharma على لقاحات Covid جد مبالغ فيها. مثالين: وفقًا للتقديرات المستندة إلى البحث الذي أجرته Public Citizen، فإن الإنتاج واسع النطاق للقاح Pfizer / BioNTech يكلف الشركة 1.20 دولارًا فقط لكل جرعة. يكلف لقاح Moderna حوالي 2.85 دولار للجرعة. في المقابل، تتقاضى شركة Pfizer ما يصل إلى 23.50 دولارًا لكل جرعة في بعض البلدان، وتتقاضى شركة Moderna رسومًا تصل إلى 37 دولارًا.

لتبرير ارتفاع أسعار اللقاحات أو الأدوية أو العلاجات، يجادل ممثلو صناعة الأدوية بارتفاع مستوى الإستثمار في البحث والتطوير (R & D) والتجارب السريرية. هي حجج من السهل عادةً ضحدها، ولكن هنا في حالة إنتاج لقاحات Covid، فإنها تنهار على الفور لأن الإنفاق على البحث والتطوير والتجارب السريرية تم تمويله من أموال دافعي الضرائب.

إن حكومات الشمال من خلال قرارها إجراء حقنة ثالثة تدعم المصالح الخاصة لشركة Big Pharma والتي ستجني ربحًا إضافيًا منها. إذا لم يتم رفع براءات الاختراع الخاصة باللقاحات المضادة لـ Covid أو الاختبارات أو الأدوية أو إزالتها تمامًا وببساطة، فإن الشركات الخاصة الكبيرة التي تهيمن على قطاع الصيدليات ستجني إيرادات ضخمة لمدة 20 عامًا على حساب السكان وميزانيات الدول وأنظمة الصحة العامة. وبالتالي، فإن المخاطر هائلة لأننا نعلم أنه سيتم التوصية بالحقن المعززة أو فرضها. تخيل حقنة سنوية لمدة 20 عامًا بلقاح محمي ببراءة اختراع وبالتالي يتم بيعه بسعر مرتفع … هذا يوفر ربحا غير عادي.

وتجدر الإشارة إلى أن فرانك دي أميليو، المدير المالي لشركة فايزر أخبر المسؤولين التنفيذيين والمساهمين في الشركة أن السعر الحالي البالغ 19.50 دولارًا و الذي طلبته الشركة من الحكومة الأمريكية عن لقاحها مشروط بوجود وباء. واصل Frank D’Amelio منطقه بالقول أنه عندما ينتهي الوباء، تعتزم شركة Pfizer الحصول على سعر أفضل. استشهد D’Amelio بالأسعار “العادية” البالغة 150 دولارًا أو 175 دولارًا للجرعة، أي حوالي 7.5 إلى 9 أضعاف السعر الذي تفرضه الشركة حاليًا في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. يبدو أن هامش الربح الحالي لشركة Pfizer وشريكتها BioNTech على كل جرعة لقاح يتراوح من 52 إلى 58٪. وفقًا لـ Vincent Kiezebrink من منظمة SOMO غير الحكومية، حسب المعلومات المتاحة حاليًا، يمكن أن تزيد أسعار ما بعد الجائحة هذا الهامش إلى 1500 إلى 2000 ٪ إذا تحققت خطط Pfizer. أدلى ستيفان بانسيل، رئيس شركة موديرنا، بنفس النوع من التصريحات مثل D’Amelio من شركة Pfizer في وقت مبكر من أغسطس من العام 2020، مما يشير بوضوح إلى أن سعر اللقاح سيرتفع بعد الوباء.

لختم هذه النقطة: شكلت شركات الأدوية الخاصة الكبرى كارتيلًا لفرض أسعار رهيبة على لقاحاتها، للحفاظ على براءات اختراعها، ودفع الأسعار نحو الارتفاع بحدة بمجرد مرور مرحلة جديدة في الوباء. إنهم يسعون إلى تعظيم أرباحهم، ودفع أقل قدر ممكن من الضرائب وضمان معاش سنوي لمدة 20 عامًا على الأقل. هذا السلوك المنطقي تمامًا من وجهة نظر رأسمالية هو أيضًا غير شرعي تمامًا من وجهة نظر مصالح 99٪.

حتى لا نغفل المساهمين الكبار في شركات الأدوية الكبرى

الصندوقان  Vanguardالأمريكي و Black Rock، أكبر صندوقين استثماريين في العالم، هما المساهمان الرئيسيان في 6 شركات خاصة رئيسية تنتج حاليًا لقاحات فيروس كورونا: AstraZeneca و BioNTech و Johnson & Johnson و Moderna و Novavax و Pfizer. استثمرت Vanguard و Black Rock  66 مليار دولار و 62 مليار دولار على التوالي في هذه الشركات للتأثير على قراراتها وجني أقصى ربح منها. في المجموع، يمتلك أكبر 10 مساهمين 250 مليار دولار والتي يتم استثمارها في أسهم في الشركات الست المذكورة أعلاه. يوجد هؤلاء المساهمون العشرة في الولايات المتحدة باستثناء العاشر “الأصغر” وهو اتحاد البنوك السويسرية. من الواضح جدا أن الهدف الذي يسعى إليه هؤلاء المستثمرون هو الحصول على أقصى عائد، فهم غير مهتمين بتحسين صحة البشرية ولنداءات التضامن من جميع الأطراف. هذا لا يمنعهم من التصريح باقتراحات والتي يقومون بعكسها.

الديون غير المشروعة التي تعاقدت عليها الحكومات أثناء الوباء

لقد لجأت الحكومات بكثافة إلى ديون جديدة، لا سيما للحصول على اللقاحات وتطعيم السكان.

يقدم الحكام هذه الديون على أنها شرعية لأنهم يفترضون أنهم يخدمون المصلحة العامة. لكن من الواجب وضع السؤال؟ هل هي حقا شرعية؟

في الواقع، جزء كبير من الديون الجديدة غير شرعي لأنه بدلاً من اللجوء إلى الديون، كان من الضروري والمشروع تمويل الإنفاق بضريبة على أغنى 1 ٪، على Big Pharma، على GAFAM (Google ، Apple ، Facebook، أمازون ومايكروسوفت) إلخ. وقد إزداد ثراء أغنى 1٪ خلال الأزمة واستفادت شركتا Big Pharma  و GAFAM بشكل كبير من الأزمة الصحية والأزمة الاقتصادية.

الديون الجديدة غير شرعية لأن الأسعار المدفوعة لشركة Big Pharma مبالغ فيها. لأن شركة Big Pharma لا تدفع الضرائب الواجبة عليها. لأن Big Pharma ترفض رفع براءات الاختراع.

باختصار، يخدم التراكم الجديد للدين العام مصالح أقلية ذات امتياز، ولا سيما شركات الأدوية الكبرى وكبار المساهمين في صناديق الاستثمار الكبيرة.

إننا نشهد المزيد من خصخصة الأرباح وإضفاء الطابع الاجتماعي على الخسائر. علينا معارضته.

تحرير الموارد المالية

هناك حاجة ملحة لتحرير موارد مالية كبيرة للغاية وهذا مع اللجوء إلى أقل قدر ممكن من الديون الجديدة.

هناك طريقة بسيطة لتحرير الموارد المالية: تتمثل في التعليق الفوري لسداد الدين العام. يمكن بعد ذلك توجيه المبالغ الموفرة مباشرة نحو الاحتياجات الصحية ذات الأولوية. يمكن أن تؤدي الإجراءات الأخرى التي يسهل إتخاذها إلى تحرير الموارد المالية: فرض ضريبة أزمة على الثروات الكبيرة والدخول المرتفعة للغاية، وفرض غرامات باهظة على الأشخاص والشركات المسؤولة عن عمليات الاحتيال الضريبي الكبرى، والتي يتضح حجمها مرة أخرى، فيما يلي الكشف عن أوراق باندورا (التي تلت أوراق بنم، و Luxleaks ، وعمل غابرييل زوكمان)، للحد بشكل جذري من الإنفاق العسكري، … دعونا نعود إلى تعليق سداد الدين لأنه يشكل في معظم الحالات الرافعة المركزية التي يمكنها تحسين الوضع المالي للدولة بسرعة كبيرة.

ما هي الحجج القانونية التي يمكن أن تدعم القرار الانفرادي بتعليق سداد الديون أو تعليق حقوق الملكية الفكرية على براءات الاختراع في هذه الحالة؟

حالة الضرورة: يمكن للدولة أن تتخلى عن سعيها لسداد الدين لأن الوضع الموضوعي (الذي لا تكون مسؤولة عنه) يهدد السكان بشكل خطير، كما أن استمرار سداد الدين يمنعها من تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا للسكان. هذا بالضبط هو الحال الذي يواجهه الآن عدد كبير من الدول حول العالم: حياة سكان بلدانهم مهددة بشكل مباشر إذا فشلوا في تمويل سلسلة كاملة من النفقات العاجلة لإنقاذ أقصى قدر من الحياة البشرية.

“حالة الضرورة” مفهوم قانوني تستخدمه المحاكم الدولية ومُعرَّف في المادة 25 من مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدولة للجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة. كما هو موضح في التعليق على المادة 25 ، تُستخدم عبارة “حالة الضرورة” للإشارة إلى حالات استثنائية حيث تكون الوسيلة الوحيدة لدولة ما لحماية مصلحة أساسية مهددة بخطر جسيم ووشيك هي، مؤقتًا، عدم أداء التزام دولي أقل وزنًا أو إلحاحًا.

هذه الحجة صالحة تمامًا أيضًا لتبرير قرار حكومة ما بعدم احترام اتفاقيات حقوق الملكية الفكرية، ورفع براءات الاختراع وتنظيم إنتاج اللقاحات والأدوية لسكان بلدها.

التغيير الأساسي للظروف: يمكن تعليق تنفيذ عقد (أو معاهدة دولية) إذا تغيرت الظروف بشكل أساسي بما يتجاوز إرادة المدين. تقر السوابق القضائية بشأن تطبيق المعاهدات والعقود الدولية بأن التغيير الأساسي في الظروف يمكن أن يمنع أداء العقد. في حالة الأزمة الحالية، تغيرت الظروف بشكل جذري خلال العامين الماضيين:

يتواصل وباء خطير للغاية في جميع أنحاء العالم ؛

سعر الطاقة آخذ في الارتفاع.

انخفض النشاط الاقتصادي بشكل حاد في العام 2020.

هذه الحجة صالحة أيضًا لتبرير قرار الحكومة برفع براءات الاختراع وتنظيم إنتاج اللقاحات والأدوية لشعب بلدها.

القوة القاهرة: الظروف المعروضة أعلاه أمثلة على حالات القوة القاهرة. يمكن لدولة ما أن تلجأ الى تلك الحالات التي تمنعها من تنفيذ العقد.

عندما تتذرع دولة بحالة الضرورة، فإن التغيير الأساسي للظروف أو القوة القاهرة لتعليق سداد الدين، سواء كان الدين مشروعًا أم لا، لا علاقة له بالموضوع. على الرغم من أن الدين المطالب به من الدولة سيكون مشروعًا، فإن هذا لا يمنع هذا البلد من تعليق الدفع. الأمر الأساسي إذن هو أن يتأكد السكان أن الأموال المحررة بشكل فعال من عدم سداد الديون تستخدم لصالح مكافحة فيروس كورونا، ضد الأزمة الاقتصادية، ضد الأزمة البيئية. وهذا يعني أن السكان يمارسون سيطرة صارمة على عمل الحكومة، وأنهم يتجمعون ومستعدون للتعبير بقوة عن استيائهم إذا لم تتصرف الحكومة لمصلحتهم، حتى لو كان ذلك يعني الإطاحة بها إذا لزم الأمر.

علاوة على ذلك، من وجهة نظر غالبية السكان، من الضروري تنظيم تدقيق للديون بمشاركة المواطنين النشطة من أجل تحديد الأجزاء غير الشرعية والكريهة وغير القانونية التي يجب إلغاؤها نهائيًا. من الضروري أيضًا تدقيق جميع نفقات الدولة للتحقق مما إذا كانت مبررة حقًا من أجل التغلب على الأزمة الصحية والاقتصادية والبيئية.

دعم المطالب الفورية

من المهم دعم المطالب الفورية مثل: رفع براءات الاختراع عن اللقاحات والتطعيم الشامل والمجاني ومجانية وحرية الاستفادة من الأولويات. زيادة الاستثمارات والميزانيات العامة المخصصة لسياسات الصحة العامة ورعاية المجتمع، بما في ذلك زيادة التوظيف والرواتب وتحسين ظروف العمل للموظفين في هذه القطاعات.

دعم المطالب الجذرية وتنفيذها

في مواجهة فضيحة الخصخصة الجديدة للأرباح وإضفاء الطابع الاجتماعي على الخسائر، من الضروري دعم المقترحات الجذرية مثل الذي قام بها الموقعون على “إنهاء نظام براءات الاختراع الخاص! من أجل صناعة دوائية تحت مراقبة شعبية ونظام تطعيم مجاني وشامل وعام ” و الذي تم إطلاقه في العام 2021 من قبل شبكة CADTM الدولية.

ينص البيان على وجه الخصوص على أن: “الصحة والتطبيب والتطعيم من حقوق الإنسان العالمية. لذلك، يجب اعتبار اللقاحات منفعة عامة عالمية. ولضمان وصول الجميع إليها، يجب أن يكون التعليق الضروري والعاجل لبراءات الاختراع مصحوبًا بآليات تأميم الصناعات الدوائية الخاصة والاستثمار القوي في تطوير الصناعات الدوائية العامة في جميع البلدان. هناك حاجة لاتخاذ إجراءات حاسمة تسمح بالتخطيط العام لإنتاج اللقاح وتوزيعه، وتطوير قدرات الإنتاج المحلية عندما يكون ذلك ممكنًا، وتكميلها بتضامن دولي ملزم في حالات أخرى.”

من خلال متابعة الوضع عن كثب والعواقب المميتة للسياسات التي تحافظ على امتيازات شركات الأدوية الكبرى، لا يمكننا إلا أن نكون مقتنعين بالحاجة الملحة لمصادرة قطاع الأدوية ودمجه في خدمة صحة عامة حقيقية تحت مراقبة المواطن.

قدم الموقعون على البيان 8 مطالب رئيسية:

  • تعليق براءات الاختراع الخاصة على جميع التقنيات والمعارف والعلاجات واللقاحات المتعلقة بـ Covid-19.
  • القضاء على الأسرار التجارية ونشر المعلومات، عن تكاليف الإنتاج والاستثمارات العامة المستخدمة، بشكل واضح وفي متناول عامة السكان.
  • الشفافية والمراقبة العامة في جميع مراحل تطوير اللقاح.
  • الوصول الشامل والمفتوح والمجاني إلى التطعيم والعلاج.
  • المصادرة والتشريك تحت إشراف مواطني لصناعة الأدوية الخاصة كأساس لنظام صحي عام وشامل يشجع على إنتاج العلاجات والأدوية الجنيسة.
  • زيادة الاستثمارات والميزانيات العامة المخصصة لسياسات الصحة العامة ورعاية المجتمع، بما في ذلك زيادة التوظيف والرواتب وتحسين ظروف العمل للموظفين في هذه القطاعات.
  • فرض ضرائب على الثروة (ثروة ودخل أغنى 1٪) لتمويل مكافحة الوباء وضمان خروج عادل اجتماعيًا ومستدامًا بيئيًا من الأزمات المختلفة للرأسمالية العالمية.
  • تعليق سداد الديون طوال مدة الوباء وإلغاء الديون غير المشروعة و المتعاقد عليها لتمويل مكافحة الفيروس.

من بين الموقعين نعوم تشومسكي ونانسي فريزر من الولايات المتحدة، ونعومي كلاين من كندا، وأرونداتي روي وتيثيباتاتشاريا من الهند، وسيلفيا فيديريتشيوسينزيا أروزا من إيطاليا، ومسؤولون نقابيون، وقادة جمعيات، وأكثر من أربعة وعشرين برلمانيًا (من ألمانيا، بوليفيا، البرازيل، كولومبيا، الدنمارك، إسبانيا، فرنسا، اليونان، أيرلندا، إيطاليا، لوكسمبورغ، البرتغال، جمهورية التشيك، ..) بما في ذلك رئيس مجلس الشيوخ في بوليفيا و 22 عضوًا في البرلمان الأوروبي. أكثر من 250 منظمةموقعة على الصعيد الدولي.

يمكنك تقديم دعمك عن طريق إرسال توقيعك إلى manifestocovid على gmail.com

لتقريب النضالات والمطالب

في الآونة الأخيرة، أعطى الشباب الذين تعبئوا من أجل العدالة المناخية بمناسبة 24 شتنبر من العام 2021 مثالًا إيجابيًا على تلاقي النضالات والمطالب من خلال تضمين نفس الدعوة في مكافحة الأزمة البيئية ، ضد التغير المناخي، ضد وباء فيروس كورونا، ضد الديون المطالب بها من جنوب الكرة الأرضية … . فيما يلي مقتطفان من هذا النداء الذي يستحق أن يُقرأ بالكامل:

البلدان الأكثر تضررا من أزمة المناخ هي أيضا من بين الأكثر تضررا من جائحة Covid-19. في حين أن أصحاب الامتيازات في شمال الكرة الأرضية يتمتعون بفرص أفضل للوصول إلى الموارد للتعامل مع الوباء، فقد حُرمت شعوب المناطق الأكثر تضررًا بشكل منهجي من الموارد اللازمة لحل الأزمة الصحية. ولا يزال الوباء، الذي يضيف إلى مشاكل سياسية واجتماعية واقتصادية أخرى طويلة الأمد، ذي آثار مدمرة على شعوب المناطق الأكثر تضررا ويجعل من الصعب تعبئة المجتمعات والمنظمات المحلية لصالح المناخ والعدالة الاجتماعية. كما يمنع التوزيع غير العادل للقاحات العديد من الأشخاص في المناطق الأكثر تضررًا من المشاركة في عمليات اتخاذ القرارات المناخية المهمة، مثل COP26 الذي سيعقد في غلاسكو هذا العام. وبالتالي، فإن الخطوة الأساسية في السعي إلى العمل المناخي العالمي والمتقاطع هي دعم دعوة المجتمعات في المناطق الأكثر تضرراً من أجل الوصول العادل إلى اللقاحات. وهذا يشمل، من بين أمور أخرى، تعليق قيود الملكية الفكرية على تقنيات لقاح Covid-19، لأن هذه القيود تمنح احتكارًا للمصنعين في شمال الكرة الأرضية (…). الممارسات الأخرى، مثل اكتناز اللقاحات من قبل دول الشمال، يجب أن تتوقف فورًا، ويجب توزيع اللقاحات الفائضة مجانًا على الناس في المناطق الأكثر تضررًا، دون شروط. ”

” في الأصل فإن حركة العدالة العرقية هي من دعت إلى التعويضات، لذلك لا يمكن لواحدة أن تكون دون الأخرى. تعني التعويضات المناخية أن أولئك الذين يتحملون مسؤولية أكبر في أزمة المناخ يجب أن يدفعوا تعويضات للناس في المناطق الأكثر تضررًا عن الدمار وفقدان وسائل العيش والبنية التحتية وحياة المجتمعات بسبب آثار تغير المناخ (…) و الذي يبدأ بـإلغاء الديون. هذا هو الحد الأدنى الذي يجب على دول الشمال القيام به من أجل سداد ديونها عن الأضرار والصدمات التي لحقت ببلدان الجنوب. ”

خلاصة: إن الكفاح من أجل الدفاع عن المشاعات وربح أخرى جديدة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالنضال ضد الديون غير المشروعة، ضد الأزمة البيئية، ضد الوباء وضد النظام الرأسمالي ككل.

بقلم/ إريك توسان 

ترجمة جمعية أطاك المغرب

المقال الاصلي