افتتاحية العدد الأول من مجلة “أصوات الكوكب الأخرى” ضد العولمة الرأسمالية ومؤسساتها المالية الاستعمارية الجديدة
أصوات الكوكب الأخرى مجلة تصدرها الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير الشرعية (CADTM). تصدر بالفرنسية مرتين في السنة، وتتناول موضوعات تتعلق بالديون في مقالات وتحليلات ودراسات حالات.
ننشر اليوم عددها الأول باللغة العربية، آملين- ات أن تشكل رافعة إيصال بدائلنا التقدمية والجذرية المناهضة للعولمة الرأسمالية ولمؤسساتها المالية والتجارية، راجين- ات أن يتفاعل معها قراء منطقتنا، وأبعد منها من قراء العربية، بالمراسلة والنقد، وتوسيع نطاق تأثيرها.
ستهتم المجلة في إصدارها العربي بقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ والتقويم الهيكلي؛ والسياسات النيوليبرالية والمؤسسات الحاملة لها، والنماذج التنموية؛ والعولمة الرأسمالية؛ والعلاقات بين الشمال والجنوب؛ والديون واتفاقات التبادل الحر… وستعرض بدائل جذرية بشأن الديون وإلغائها، وحول سياسات التقشف وضرورة التخلص منها، والنتائج الكارثية للنموذج التنموي الذي يدعو إليه صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والنضالات المناهضة له من أجل برامج تنموية مغايرة تقدمية وتحررية.
نخصص ملف هذا العدد الأول للديون وآثار السياسات النيوليبرالية والاتفاقيات التجارية الاستعمارية الجديدة، وهو يصدر كجزء من المبادرات الساعية لتنظيم قمة مضادة للاجتماع السنوي للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي بمراكش من يوم 9 أكتوبر2023 إلى 15 منه، حيث سيلتقي كبار رجال الأعمال ومحافظي البنوك المركزية ومدراء الشركات متعددة الجنسية. وهي مناسبة للحركات الاجتماعية المناهضة لسياسات المؤسستين، الساعية لتنظيم قمة مضادة موازية، كي تلتقي لتناقش وتحتج وتنسق لمواصلة العمل المنظم والواعي ضد سياسات تقشف صارمة تفرضها مؤسسات الإمبريالية تلك على شعوب المعمورة، وبخاصة شعوب بلدان الجنوب العالمي حيث تسببت في الكارثة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الجارية فيها منذ سنوات 1980 على أقل تقدير.
منذ أزمة كوفيد-19 والديون الخارجية لبلدان الجنوب لا تنفك تزداد ثقلا، وتشكل مبعثا للقلق، فارتفاعها المذهل في غضون بضع سنوات، يثير مخاوف تكرار أزمة مديونية دول العالم الثالث لثمانينيات القرن العشرين. وبعيدا عن أوجه التشابه، فالأخبار تشير بالفعل إلى أن بلدانا عديدة إما توجد في حالة ضائقة مالية أو أنها أقرب ما تكون لحالة تعليق السداد، أو هي مهددة بالإفلاس. ربما صرنا مجددا في مواجهة أزمة المديونية بالفعل.
ترفض المؤسسات المالية الدولية (الصندوق والبنك الدوليين) تغيير إملاءاتها، بل إنها تواصل الضغط على بلدان الجنوب العالمي كي تنفذ بصرامة سياسات التقويم والتقشف. وتعمل هاتان المؤسستان ، بالإضافة إلى منظمة التجارة العالمية، على تكريس نظام لاعدالة اجتماعية وتفاوت طبقي صارخين عبر تطبيق سياسات عقيدتها النيوليبرالية ، وهجومهما الصارم على كل ما هو اجتماعي، مع شبكات أمان وهمية، وعلى مكاسب الطبقة العاملة العالمية منذ ثمانينات القرن الماضي.
دعمت هذه المؤسسات، ولا تزل، الأنظمة التسلطية في منطقتنا، وأشرفت على برامج التقويم الهيكلي المشؤومة المطبقة فيها منذ سنوات 1980 حتى يومنا هذا. وقد ساعدت إلى جانب مؤسسات إمبريالية أخرى في نجاح الثورة المضادة في استعادة الأنظمة المستبدة سيطرتها بعد الهبات الشعبية للعام 2011.
هكذا، ظلت مفاعيل السياسات النيوليبرالية متواصلة سلبا بمنطقتنا: إغراق في الديون وخناق الإمبريالية الماسكة بها، وتدمير القطاعات والخدمات العمومية، ودوام التبعية والتخلف والاستبداد، والأزمات الحادة المتتالية، والتدهور الاجتماعي والبيئي.
بإصدارنا الأول هذا، سنواصل، مع القلة القليلة، السباحة ضد التيار. سنقف بوجه أصوات الدعاية الرسمية، والموالين لها، المؤيدة للبرنامج التنموي النيوليبرالي المدعوم من قبل المؤسسات المالية والتجارية العالمية لصالح الرأس مال وتوسعه وتحقيق أقصى أرباحه ومراكمتها. نسعى لتمثيل أصوات منطقتنا الأخرى أحسن تمثيل، في معارضة الديون والنضال لإلغائها، ومناهضة الاتفاقات التجارية الاستعمارية الجديدة والكفاح لإسقاطها، وكي نكون رافعة نشر بدائل للخروج من التخلف والتبعية، ولوضع لبنات نضال حازم من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
ضد تيار العولمة الرأسمالية الجارف، وضد مؤسساتها الظالمة، نسعى للبقاء والتطور رافعة لحمل هموم وبدائل لصالح من هم أسفل الهرم الاجتماعي العالمي، وسنبقى منصة حرة لـ “أصوات الكوكب الأخرى”.
علي أزناك
هيئة تحرير
مجلة أصوات الكوكب الأخرى
لتحميل العدد : اضغط هنا