منذ أبريل 2024، عقب إقرار الإليزيه لمشروع قانون دستوري استنادا على نتائج استفتاء 2021، يروم توسيع الجسم الانتخابي بكالدونيا الجديدة، لم تتوقف الاحتجاجات التي دعا اليها حزب FLNKS. يشترط مشروع القانون، المزمع تمريره  في الجمعية الوطنية و مجلس الشيوخ الفرنسيين، الاقامة مدة  10 سنوات للحصول على حقوق المواطنة بكالدونيا. قانون يرى فيه مناضلو   FLNKS، المطالبين بالاستقلال منذ تأسيسه في العام 1984 الذي تبنى آنذاك الكفاح المسلح من أجل تحقيقه ، تراجعا عن الاتفاقات المبرمة مع الحكومة الفرنسية سنوات 1988 بباريس و 1998 ب ناوومي والتي بموجبها يمكن للكناك تقرير مصيرهم. قانون يعزز سيطرة الزمرة الحاكمة في فرنسا على الجزيرة.

هكذا يرى المطالبون بالاستقلال تقزيما لوزنهم لأن %14.5 من الكتلة الانتخابية المضافة لها علاقات مع فرنسا المتروبوليان ستضخم حجم الجسم الانتخابي.

تاريخ من الدم

17 ألف كيلومتر، هي المسافة الفاصلة بين باريس حيث مصدر القرارات المتحكمة في انفاس 270 الف من السكان، تقريبا منذ 1853 تاريخ احتلال الجزيرة. لم يتوقف الاستعمار  عن ممارسة القمع الدموي بحق شعب الكاناك، مُجَرِّدا إياه من الأراضي الخصبة من أجل منحها للمعمرين. انتفض الكاناك 1878 فأغرق في الدم، ورحل الكثيرون من السكان إلى مستعمرات أخرى. ما بعد الستينيات، المطبوعة بنمو حركات التحرر، طالب الكاناك من خلال حركة “من أجل الاستقلال” بالتفاوض على تقرير مصيرهم فتعرضوا للقمع و قُتل الكثير من القادة سنة 1987 ك جون ماري تجيبو و ييويني ييويني. استمر القمع في السنة الموالية ووُصفت الأحداث بحمام الدم. بعدها تبنى  FLNKS خيار التفاوض وترك السلاح. وأُبرِم اتفاق يسمح بتقرير المصير سنة 1988.

ألاعيب الحكومات

لم تكن انتفاضة 13 ماي في العام 2024 إلا حلقة في سلسلة من مسار طويل من الاحتجاجات المطالبة بالاستقلال ورفض إعادة الاستعمار. ففي عز أزمة كورونا نظمت الحكومة الفرنسية استفتاء لتوسيع الجسم الانتخابي. استغلت الحكومة إجراءات حالة الطوارئ الصحية لتمرير الاستفتاء. لم تتوقف منذ ذلك الحين الاحتجاجات ،  مدعومة من FLNKS ، USTKE و CCAT. توقف عمال الموانئ والمطار والفنادق عن العمل أيام الاثنين والثلاثاء 13، 14 ماي 2024 واحتد النزال في الشوارع. قرر الحاكمون إرسال 400 عنصر من الجيش والشرطة كتعزيزات، وفي الوقت نفسه يطالب الإليزيه بالتهدئة والاستعداد للحوار. أي حوار؟ ما يفضي للحفاظ على مصالح الرأسماليين- الجزيرة ذات أهمية للصناعة الفرنسية باحتوائها على 7% من الاحتياطي العالمي من النيكل – و يجعل من كالدونيا قدما لهم وراء البيت الأبيض ضد الرأسماليين الصينين في المحيط الهادئ. سبق وتفاوض الطرفان، مرات عدة، وفي الحقيقة لم يكن ذلك سوى  ربحا للوقت وتأجيل تاريخ الاستفتاء كل مرة حتى يجري تفقير الكاناك وجعلهم أقلية على أرضهم.

تنظُم الكاناك خيار من أجل التحرر

لا يكتوي الكاناك من التضخم والتفقير والنهب،  بل كذلك من القيمة الاعتبارية الدونية عن غيرهم من السكان المستقدمين ونفي انتماءهم و شعورهم القومي. يراهن الاستعمار الفرنسي على “المهاجرون المستقدمون”  لاحتواء الكاناك في الأمد المنظور.

أكثر من 30 سنة من التفاوض والمشاركة في المؤسسات الصورية، لم تفض سوى إلى إعادة استعمار الجزيرة. على الكاناك أن يتنظموا و يؤسسوا  لجان شعبية تُنتخب من طرف السكان المحليين، تكون مقدمة لولادة سلطة شعبية تعبر عن المصالح الحقيقية للكاناك.

بقلم: ي. ف